فصل: الضرب السادس من أرباب الوظائف بالديار المصرية زعماء أهل الذمة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا **


  الوظيفة الرابعة نظر البيوت والحاشية

وقد تقدم أن موضوعها التحدث في كل مايتحدث فيه أستاد الدار وتقدم الكلام على مايكتب في طرة تقليد ناظرها‏.‏

الحمد لله الذي عمر البيوت بنواله وكثر فيها أصناف النعم بإفضاله وجعل فيها الخير يتضاعف مع كل يوم بتجدده ومع كل شهرٍ بإقباله‏.‏

نحمده على مديد ظلاله ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادة عبدٍ صادق في مقاله ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي رحم الله العالمين بإرساله وسقى الجيش من كفه بنبع زلاله وأوى إلى المدينة دار هجرته وانتقاله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الناصرين لهذا الدين في كل حاله وسلم تسليماً‏.‏

وبعد فإن طراز الملك الشريف البيوت الكريمة‏:‏ فمنها يتفجر ينبوع الرزق الجاري ومنها يضيء سقط الزند الواري ومنها تبسط الخوانات وتمد الأسمطة في المهمات ومنها يقوم للسعد نصبات وأي نصبات ومنها تقسم ألوان الطيبات على مقترح الشهوات وعماد أمرها على ناظر يقوم بتأصيلها وتفريعها وتجنيسها وتنويعها وتكثير حاصلها واستدعاء واصلها وجمع كل مافيه مرغوب وادخار كل ماهو محبوب وتأليف القلوب على شكره وجل مافيها عمل القلوب‏.‏

ولما كان فلان هو الرشيد في فعله المأمون في فضله الأمين في عقده وحله المسدد في الحالكله المعطي المباشرة حقها على ماينبغي في الشهر من مستهله فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يستقرفي نظر البيوت‏.‏

الخ‏.‏

فليباشر هذه الوظيفة الكريمة مستجلياً المنافع مشنفاً بحسن سيرته المسامع طالعاً من العفاف في أبهى المطالع مستدعياً ماجرت العادة باستدعائه من أصناف المتجر السعيد من أصنافٍ متعددة ونواع منضدة وليزح أعذار المصالح السعيدة من كل صنف على حدة وليستجلب خواطر المعاملين بوفائهم وإنجازهم كل عدة واللرواتب اليومية ليصرفها لمستحقها والبيوتات فليسد خللها حتى لايظهر نقص فيها ومرتبات الآدر الشريفة فلتكن نصب عينيه على مايرضيها ومااخترناه لهذه الوظيفة إلا لأنه أنسب من يليها‏.‏

والوصايا كثيرة وتقوى الله فلتكن أطيب ثمراتٍ يجتنيها وأحسن منحاتٍ يجتليها وأزين زينةٍ يحتليها وهو غني عما تشافهه به الأقلام من فيها والله تعالى يصون هممه ويعليها بمنه وكرمه إن شاء الله تعالى‏.‏

وهذه نسخة توقيع بنظر البيوت‏:‏ الحمد لله الذي جدد لأوليائنا ملابس السعود وشيد لهم مباني العز وزضاعف لقدرهم الترقي والصعود ووالى إليهم سحائب الفضل المستهلة بالكرم والجود‏.‏

نحمده على نعمه الضافية البرود ومننه الصافية الورود ونشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب الحوض المورود واللواء المعقود صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين جاد كل منهم بماله ونفسه في رضاه والجود بالنفيسين أقصى غاية الجود صلاةً دائمة الإقامة في التهائم والنجود وبعد فإن أولى من غدت البيوت آهلة بوفود نظره عامرةً بسداده وجميل فكره مشيدةً بما يبديه من أوضاح التقرير وغرره - من سما همةً وحسن سمتاً وسلك في الأمانة طريقاً لاعوج فيها ولاأمتاً وحل في الرتب فخلاها وتنقل فيها فما قالت له إيه وقال الذي فارقها آها وكان فلان هو الذي استحق بكفايته حسن التنقل واستوجب الصلة والعائد لما فيه من جميل التأتي والتوصل - اقتضى حسن الرأي الشريف أن ننقله إلى رتب السعادة وأن نخصه كل حينٍ من نعمنا بالحسنى وزيادة فلذلك رسم بالأمر الشريف أن يستقر‏.‏

فليضبط أصولها وفروعها ومفردها ومجموعها وليونس بحياطة اجتهاده ربوعها وليكفلها بأمانةٍ تضم أطرافها ونزاهةٍ تحلي أعطافها وكتابةٍ تحصر حليلها ودقيقها ونباهةٍ توفي شروطها وحقوقها وليحرر وارها ومصروفها ليغدو مشكور الهمم موصوفها وليلاحظ جرائد حسابها ويحفظ من الزيغ قلم كتابها حتى ينمي تصرفه على الأوائل ويشكر تعرفه وتعطفه على كل عامل ومعامل والله تعالى يبلغه من الخير ماهو آمل بمنه وكرمه إنشاء الله تعالى‏.‏

الوظيفة الخامسة نظر خزائن السلاح وقد تقدم أن موضوعها التحدث فيما يستعمل ويبتاع من أنواع السلاح الذي يحمل للزردخاناه السلطانية‏.‏

وقد جرت العادة أن يحمل مايتحصل من ذلك في كل سنةٍ إلى الزردخاناه مرةً واحدة‏.‏

وقد تقدم مايكتب في طرة توقيع ناظرها‏.‏

وهذه نسخة توقيع بنظر السلاح من إنشاء المولىشمس الدين بن القيسراني كتب به لفخر الدين أخي جمال الدين ناظر الخاص وهي‏:‏ أما بعد حمد الله تعالى الذي ضاعف فخر المناصب بمتوليها ورفع قدر المراتب بمن يكبرها بقدره العلي ويعليها وأمد المقانب بنظر ذي المناقب الذي يزين بمرهف حزمه أسلحتهم ويحليها ويمضي بماضي عزمه كل فرند فريدٍ ليسعر نار صليله بنظره السعيد ويجلبها جاعل أيامنا الشريفة تقدم لخدحها كل سري تسري به هممه إلى العلياء وتنتخب لحسن نظرها من يعلو بكرم الذات وجمال الإخاء وتولي من الأولياء من يعد للإعداء خزائن سلاح تبيدهم بها جسوشنا المؤيدة في فيافي البيداء إذا دارت رحى الحرب الزبون وثارت وغى الغارة الشعواء والشهادة له بالوحدانية التي اتسق بدرها في سماء الإخلاص وأشرق فجرها بضياء القرب والاختصاص وسما فخرها بجلال الحمال فأصبح بحمد الله آخذاً في المزيد آمناً من الانتقاص وعلا ذكرها بما درعنا به مندروع التوحيد وأسبغ علينا منه كل سابغةٍ دلاس والصلاة والسلام على سيدنا محمد ٍ الذي خصه الله بالتكريم والتعظيم وختم به الرسل الكرام بما منحه من الاصطفاء والتقديم وأوحى إليه في الكتاب الحكيم‏:‏ ‏"‏ أن اتبع ملة إبراهيم ‏"‏ وعلى آله وصحبه الذين هم ‏"‏ أشداء على الكفار رحماء بينهم ‏"‏ وقرب قربهم لديه صلى الله عليه وأذهب بينهم - فإن من شيم أيامنا الشريفة أن تبلغ أولياءها مراماً وترعى لأصفيائها ذماماً وتصطفي لولاية الرتب من أضحى ثغر ولائه بساماً وتجرد لحسن النظر من يجرد بهممه حساماً حساماً لاسيما من اقتفى سنن أخيه - أجله الله - فيما يأتي ويذر واهتدى بهديه في كل ورد وصدر وحذا حذوه السديد الأثر السعيد النظر واتبع رشده الساطع البلج اللامع الغرر وسار سيره الذي تتأرج به أرجاء الممالك فحيث سار سر إذ هو جمال الجود جلال الوجود مقيل عثار الملهوف والمجهود موئل التهائم والنجود مستجلب الدعاء لنا من الطائفين والعاكفين والركع والسجود ذو المآثر التي ذكرها أعطر من الروض المجود الموجود والمناقب التي يساوي فيها الكواكب ويسامتها في السعود والصعود‏.‏

ولما كان المجلس العالي الفخري قد أصبح فخره بأخوته نامياً وقدره بأبوته سامياً وأصبحت مفاخره به خالدة وجمع مزايا وسجايا جمعت له طارف السعد وتالده - اقتضى رأينا الشريف أن أن نشدد به أزراً ونجدد له في إصلاح السلاح نظراً ليكون لأخيه - أعزه الله تعالى - النظر على الخاص والعام وبيده مقاليد خزانتنا التي يشمل منها البرايا بصنوف الإنعام وتدبير خواصنا الشريفة وجيوشنا المؤيدة وله النظر على أعمال لبوس تقي من الجيوش البوس‏:‏ البيضذات القوانس واليلب المدار والسمر المداعس والبيض المهندة‏.‏

فلذلك رسم‏.‏

لازال يجمع لأوليائه على آلائه شملاً ويرفع أقدار أهل الكرم باستقرار النعم إذ كانوا لها أهلاً وبها أولى - أن يستقر فلان في نظر خزائن السلاح المنصورة على عادة من تقدمه وقاعدته وبمعلومه الشاهد به الديوان المعمور لهذه المآثر التي بثها القلم والمفاخر التي اشتهرت كالنار على العلم فليكشف مابهذه الخزائن من عدة الحرب والآلات المعدة في الهيجاء للطعن والضرب ويشمرفي تكثيرها عن ساعد اجتهاده ويعزز مواد الإمداد بها بحسن نظره ويمن اعتماده ويستعمل برسمك جهاد الأعداء كل نصلٍ صقيل وصمصامٍ له في الهام صليل وصفيحةٍ بيضاء تبيض بها بين أيدينا الصحيفة وليوسٍ ترهب عدو الله وتضاعف تخويفه وزاعبي يرعب وسمهري يزهق بلسان سنانه النفوس ويذهب وخرصانٍ تكلم الأبطال بأسل ألسنتها في الحروب وقواصل لها في سماء العجاج شروق وفيتحليء الكفار غروب وبدنٍ يقد الأبدان ولأمةٍ لم تبار في تحصينها وتخييرها ولم تدان وفضفاضةٍ على جنود الإسلام تفاض وسابغةٍ تسبغ على كل واجل من أهل الإيمان ليقضي من أهل الشرك ماهو قاض‏.‏

وليحفظ ماينفق على هذا العدد من الضياع ويأت بما تأتي به الضياع على أحسن الوجوه وأجمل الأوضاع وليضبط مايصرف عليها من الأموال ويعتمد في نظرها ماتحمد عاقبة أمره في سائر الأحوال ويتيمن في سائر أفعاله بميامن كماله ويسترشد بمراشده في أموره باليمن والرشد من خلال جماله وبسلك بحسن نظره لهذه الخزائن ماينتظر به أن يفوق أنظار الأنظار ويرتقب ويعلم أن هذا أول إقبالنا عليه ‏"‏ وأول الغيث قطر ثم ينسكب ‏"‏ والله تعالى يجعل خزائن الإسلام بجمال فخره آهلة ويوردها موارد العز الدائم ويصفي من أكدار الأقذار لها مناهله والعلامة الشريفة أعلاه حجة بمقتضاه‏.‏

الوظيفة السادسة استيفاء الصحبة وصاحبها يتحدث في كل مايتحدث فيه ناظر الصحبة المقدم ذكره‏.‏

وهذه نسخة توقيع من ذلك من إنشاء القاضي ناصر الدين بن النشائي وهي‏:‏ الحمد لله الذي زاد فخار أوليائنا رفعة المقدار أفاد الصحبة الشريفة خير كافٍ استوجب منا بجميل خدمته جزيل الإيثار وجاد بالجود وابتدأ السعود لمن حسن فيه الاختيار وحمد الاختبار وارتاد للمناصب العلية كل مستوفٍ للمحاسن له حقوق وفاءٍ لاتضاع وقدم ولاء أجمل فيه الإيراد والإصدار‏.‏

نحمده على نعمٍ أجزلت الآثار ونشكره على منن أجملت المسار ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادة مخلص يترشف ساح ثوابها الدار في تلك الدار ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي أيد الله به المؤمنين وأخمد نار الكفار وبعثه رحمةً للعالمين فأقام بناء الإسلام بعد ماكاد ينهار وأسرى به إلى السبع الطباق فطبق نبأ معجزاته الأرض وملأ الأقطار صلاةً باقيةً لاتزال أغصان أجورها دانية القطوف زاكية الثمار وسلم تسليماً كثيراً‏.‏

وبعد فإن أجل النعم ماعلت ملابسها وأجمل المنن ماغلت نفائسها وأكمل المنح ما زكت في رياض الإقبال غرائسها وأجزل العطايا ماجليت في حلل الفخار عرائسها وأولى الأولياء بتحويل ذلك لديه وتخويل هذه المولهب إليه وإسباغ أثواب الامتنان عليه واجتبائه لرتب عليت محلاً واختياره لمنصب يصبح به جيده من عقود العناية محلى - من شكرت أوصافه واشتهر عفافه وحسن منا إسعاده وإسعافه وحمدت خلالله ومآثره وجاز فخر نعته وفخر ذاته فلا غرو أن تعددت مفاخره وأسلفنا من خدمته مااستوجب أن يجني به ثمار الإحسان وقدم بين أيدينا الشريفة من يمن تصرفه ماأنتج له مضاعفة الآلاء الحسان‏.‏

ولما كان فلان هو الذي تحلى من هذه الأوصاف بعقودها وتجلى في مطارف برودها وأثنت على خصاله ألسنة الأقلام وأثبتت جميل خلاله في صحف أوراقها وصحائف الأيام وحاز من الأمانة والنزاهة كل مايشكر به على الدوام وامتاز لحسن الكتابة التي تقر النواظر وتسر الخواطر وتزري بالروض البسام ماباشر رتبةً إلا وفى بها وحفظ أموالها وغلالها وضبط أمورها وكفى بها - اقتضى رأينا الشريف أن ننقله إلى درجات السعادة ونمنحه من إقبالنا الشريف زيادة الحسنى وحسن الزيادة ونخصه بوظيفةٍ تدنيه نما قرباً لنكون قد أجملنا له الابتداء والإعادة‏.‏

ولذلك رسم بالأمر الشريف - لازال فخر أوليائه آلائه سامياً وقدر أصفيائه بمديد عطائه نامياً - أن يستقر في كذا‏.‏

فليتلق هذا الإحسان بيد الاستحقاق وليتقلد عقود الامتنان الذي كطالمتا قلد جود الأعناق وليباشر ذلك مباشرة يسر خبرها ويسير خبرها ويشنف الأسماع تأثيرها وأثرها وليسلك فيها من السداد مايؤكد حمده ومن حسن الاعتماد مايؤيد سعده وليعتمد فيها من الأمانة ماهو المشهور من اعتماده ومن العفاف ماصح عنه نقل إسناده وليدبج المراسيم الشريفة بقلمه السعيد وليوشها بكتابته التي بها السحن مبديء ومعيد وليضبط جميع أموال الديوان المعمور وغلاله وسائر أمواله وأحواله وليستوف بقلمه على مباشريه وعماله وليحط علماً بخراج بلاده وأعماله وليسترفع الحساب شاماً ومصراً وليتصفح الرقاع بالممالك الشريفة المحروسة ليحوي بجميعها خبراً وليتعين جملها وتفصيلها ليكون بمخرجها أدرب وبمردودها أدرى وليحصر متحصلها ومصروفها ومعجلها وموقوفها حتى لايخرج شيء عن علمه ولتكن جملة هذا الأمر محررة في ذهنه ليجيب عنها عند السؤال بتحقق قهمه والوصايا كثيرة وهوبها خبير عليم حائز منها أوفى وأوفر تقسيم وملاكها تقوى الله تعالى فليجعلها عمدته وليتخذها في كل الأمور ذخيرته والله تعالى يضاعف له من لدنا إحساناً ويرفهع له قدراً وشأناً والاعتماد على الخط أعلاه‏.‏

وهذه وصية لمستوفي الصحبة أوردها في التعريف وهي‏:‏ فهو المهيمن على الأقلام والمؤمن على مصر والشام والمؤمل لما يكتب بخطه في كل ترتيبٍ وإنعام والملازم لصحبة سلطانه في كل سفر ومقام وهو مستوفي الصحبة والمستولي بالهمم على كل رتبة والمعول على تحريره والمعمول بتقريره والمرجوع في كل الأمور إلى تقديره به يتحرر كل كشف ويكف كل كف وبتنزيله وإلا مايكمل استخدام ولاصرف وهو المتصفح عنا لكل حساب والمتطلع لكل ماحضر وغاب والمناقض لأقلام الكتاب والمحقق الذي إذا قال قال الذي عنده علم من الكتاب والمظهر للخبايا والمطلع للخفايا والمتفق على صحة ماعنده إذا حصل الخلاف ووصل الأمر فيه إلى التلاف وليلزم الكتاب بما يلزمهم من الأعمال ويحررها بمستقر إطلاقه وضرائب رؤوس المال وعمل المكلفات وأن يكلفوا عملها وتقدير المساحات وليتتبع خللها وليلزمهم بتمييز قيمها بعض عن بعض وتفاوت مابين تسجيل الفدن في كل بلد بحسب ماتصلح له زراعة كل أرض وبمستجد الجرائد ومايقابل عليه ديوان الإقطاع والأحباس وغير ذلك مما لايحصل فيه التباس‏.‏

ومثلك ريزود بالتعليم ولاينازع فكل شيء يؤخذ منه بالتسليم وماثم مايوصى به رب وظيفةٍ إلا وعنده ينزل علمه وفيه ينزه فهمه وملاك الكل تقوى الله والأمانة فهما الجنتان الواقيتان والجنتان الباقيتان وقد عرف منهما بما يفاض منه عليه أسبغ جلباب وأسبل سترٍ يصان به هو ومن يتخذهم من معنين ونواب والله تعالى يبلغه من الربت أقصاها ويجري قلمه الذي لايدع في مال ممالكنا الشريفة صغيرةً ولاكبيرةً إلا أحصاها‏.‏

الدرجة الثالثة ما يكتب في قطع العادة من تواقيع أرباب الوظائف الديوانية بالديار المصرية مايكتب في قطع العادة‏:‏ إما في المنصوري مفتتحاً بأما بعد حمد الله أو على قدر المكتوب له في القطع الصغير مفتتحاً برسم بالأمر الشريف إن انحط قدره على ذلك وفيها وظائف‏:‏ منها‏:‏ كتابة الدرج بديوان الإنشاء بالأبواب الشريفة‏.‏

وهذه نسخة توقيع بكتابة الدرج الشريف كتب له للقاضي تاج الدين عبد الرحيم بن الصاحب فخر الدين بن أبي شاكر وهي‏:‏ رسم بالأمر الشريف - لازالت صدقاته الشريفة تشمل نجباء الأبنا وميراته الجسيمة تجزل للولد البار حسن الزيادة وزيادة الحسنى وهباته الكريمة تقبل بوجه الإحسان على فرع الأصل الأسمى وترصع تاجه بجوهر فخره الأسنى وسماته الوسيمة بجمل شد أزر الوزارة الفخمة بأكفأ نجل ثنى الزمان عنان الرياسة إليه وعليه أثنى - أن يستقر فلان في كذا وكذا‏:‏ لأنه ربي في حجر الرياسة واجتنى من الروض المجد الذي أعلى السعد غراسه ونشأ من محل السؤدد والفخار وبزغ من بيتٍ حقت له رفعة الأقدار وبسق غصن فرعه من أصلٍ ثابت وسما بدوح عز في مواطن المعالي نابت وهمى ندى قلمه بانتسابه إلى سراة الكتاب فناهيك من كاتبٍ لأبي الخلل كابت تعترف الدولة لسلفه لسالف العهود وتغترف من منهل تدبيرهم المورود وتتحلى من تاجهم بأسنى العقود وتسمو من فخر وزارتهم فخرهم بما يملأ الوجود بالجود وتختال من تصريف أقلامهم وأقلام تصريفهم في روض التنفيذ المجود فإن ذكرت ملآثر جده قصرت عن إدراكها الجدود وإن شكرت مناقب والده - أجله الله - ففجرها الباذخ مشهود وهو بلسان العام والخاص ممدوح محمود وإلى معاني خطه تنتهي درجات الصعود والسعود فلا غرو لهذا الفرع الناجب أن يتبع أصله وأن يسلك فضائله وفضله وأن يقفو منهجه ويحذو في الكتابة طريقته المبهجة ويأتي من البراعة بسننها القويم ويبرز من اليراعة وشي خطه الرقيم وأن يحلي أجياد المهارق بجوهر تاجه النضيد النظيم وأن تحلو ألفاظه في الإنشاء حين تمر على الأسماع مرور النسيم سيما وقد ظهرت عليه من مخايل الرئاسة دلائل وشرعت له مناهل الأدب والفضائل وحاز من حسن النشأة ما سار بشكره المثل وحصل من الاشتغال على كنز المعرفة واشتمل وغدا جديراً بكل مرتبة سنية وكل رفعة هي بأعدائها مبنية فليباشر ذلك مباشرة يجعلها لباب المعالي مفتتحاً وللزيادة من كل خير سبباً كلما أبدى الدهر مساءً وضحى ولينقل في اتباع مهيع المجد عن والده ودجده أبقاهما الله تعالى وليدأب للتحلي بأخلاقهما الحسنة أقوالاً وأفعالاً وليبهج الطروس بوشي قلمه ولينمق المكاتبات ببلاغة كلمه وليتخذ الصون شعاره والعفاف دثاره والأمانة معتمده والنزاهة مستنده وضبط القول مادته وحفظ اليد واللسان جادته والوصايا كثيرة وملاكها التقويى وهي حليته الحقيقية وعقيدته العقلية والمنطقية فليجعلها دأبه وليرض في إعلانه لها ربه والله تعالى يعلي قدره وجده ويحفظه وأباه وجده‏.‏

وهذه نسخة توقيع شريف بمتابة درج تجديداً وهي‏:‏ رسم‏.‏

-لازال يمنح الأولياء بتجديد النعم إحسانا ويولي البلغاء فضلاً يعلي بهم رتبةً وشانا ويبدي لهم في ديوان إنشائه الشريف فضائل جمةً وبيانا - أن يجدد هذا التوقيع الشريف باسم فلان تجديداً لأنوار الإحسان إليه وتأكيداً لمزايا الامتنان لديه وتسديداً لمستنده الذ ألقاه وجه الإقبال إليه لما حازه من فضيلةً تامة وبلاغةً ملأت ببديع المعاني ومعاني البديع ألفاظه وكلامه وكتابةٍ أجرت في حواشي الطروس بمحقق التوقيعات أقلامه وأمانةٍ بنت على الصدق والعفاف أقسامه ورياسةٍ تأثل مجدها فبلغ مرامة واتصل سعدها فلا يخشى انفصامه وبعد شأوها فهي السامية إلى رفع المنازل من غير سآمة‏.‏

قد اتصف من البراعة بجميل الأوصاف وظهر استحقاقه فهو باد غير خاف وتروى من بحر البلاغة حيث ورد منهلها الصاف وسلك طرق الخير فتضاعف له الإسعاد والإسعاف وامتاز بمزايا التجمل في أموره والعفاف واستحق بذلك أن نجدد له فضل الألفة ونؤكد له بكرمنا نيلاً اعتاده وعرفه‏.‏

فليستمر في ذلك استمرار ‏"‏ به أسباب الخير مؤتلفة ووجوه الفضائل عن صنوف الكتابة غير منصرفة وليبد من البلاغة بيانها البديع ويجمل منزل العلياء الرفيع ويسلك مسلك ه في الأمانة ويتق الله تعالى بملازمة المراقبة والديانة والله تعالى يعلي مكانه ويزيد في اقتناء الفضائل إمكانه والاعتماد على العلامة الشريفة أعلاه إن شاء الله تعالى‏.‏

قلت وربما كتب التوقيع لكاتب الدرج بزيادة معلوم فيحتاج الكاتب إلى أن يأتي بعبارة تجمع إلى ماتقدم من براعة الاستهلال مايليها من موجب الاتسحقاق وسبب الزيادة وترادف الإحسان‏.‏

وهذه نسخة توقيع بشهادة الخزانة كتب به لابن عبادة وهي‏:‏ أما بعد حمد الله الذي أفاض على الأولياء من خزائن فضله وأفاء لهم أوفر نصيب من إحسانه المشور فيه عدل قسمه وقسم عدله وأهمى عليهم من سحب مواهبه مايقصر عنه الغمام في وبله وطله وأسبغ عليهم من جوده العميم مايصفو لديهم المرح في وارف ظله والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ نبيه ورسوله أشرف رسله وخاتم من جاء من الأنبياء من قبله والهادي ببعثته الشريفة إلى طرق الحق وسبله وعلى آله وصحبه الذين تابعوه في قوله وفعله وبايعوه على المظاهرة في نصرة الدين الحنيف وأهله وجمعوا هممهم على التئام كلمة الإيمان وجمع شمله وأرهف كل منهم في نصره ماضي عزمه ونصله - فإن أولى من رعيت له حقوق ذمامه ومنح أجزل العطاء الذي تقضي الأقدار بدوامه ولوحظ بعين الإقبال ما أسلفه من حسن الطاعة لله ولرسوله ولإمامه - منجد في الخدمة فأضحى الجد له خادماً وداوم على المناصحة فغدا سعده دائما وأخذ من كل فضل بزمامه ومت بما له على الدولة لاشريفة من حرمته وذمامه وسلك في أداء الأمانة السنن القويمة وجعل على خزائن الأرض بما تلا لسان فضله‏:‏ ‏"‏ إني حفيظ عليم ‏"‏ وتمسك من الإخلاص بأقوى السباب وجعلت له التقوى محلا يدخل عليه ملائكة القبول من كل باب وزين سماء المعالي بكواكب مجده فما تشوف إليها طرف متطاول إلا وأتبعه شهاب‏.‏

ولما كان فلان هو الذي غدا حسن مناقبه إلى شكره مرشداً وإلى ذكره بالجميل مسعداً وألهج لسان الفلم في وصفه منشداً واختص من هذه المحامد بأوفرها قسماً وطلع في أفق هذا الثناء الجميل نجماً فلذلك رسم‏.‏

ومنها - استيفاء الدولة وموضوعها التحدث في كل مايتحدث فيه الوزير وناظر الدولة وضبط الأموال الديوانية وكتابة الحسبانات وكل مايجري مجرى ذلك‏.‏

وقد جرت العادة أن يكون فيها مستوفيان‏.‏

وهذه نسخة توقيع باستيفاء الدولة‏:‏ أما بعد حمد الله الذي صان الأموال بالأقلام المحررة والدفاتر المسطرة والحسبانات المصدرة والجوامع المسيرة والتيقظ الذي استخرج البواقي المنكسرة والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أزالظلام الظلم ونوره ومحت الجور وغيره وأيد الحق وأظهره وعلى آله البررة وصحبه خصوصاً العشرة المبشرة - فإن الدولة الشريفة من الأقلام ضابطاً ولها من الحساب نظاماً أصبح عليها سياجاً وحائطاً يصون الأموال أن تكون بأيدي الخائنين نهبى ويحرز المطلقات بعداً وقرباً وقلم الاستيفاء هو الذي إذا طاشت أقلام الكتاب كان في رأسها لجاماً وإذا خصم المباشرون بالمصروف قبل السائغ الصحيح ورد ماكان سقيماً وخرج مالم يكن تماماً‏.‏

ولماكان فلان هو الذي في الرئاسة كبير معروف وفي السعادة حميد موصوف وفي قلمه تصحيح كل مصروف وله في الدولة آثار مرضية تشكرها الأقلام والسيوف مانظر في حساب إلا أزال عنه مابه يعاب ولارأى فذالك إلا وأوضح فيها المسالك ولاعرض باقي إلا استخرج مايتعين استخراجه بقلمه الراقي وفهمه الواقي فلذلك رسم أن يستقر‏.‏

فليباشر هذه الوظيفة بتحريره وتحبيره وتمييزه وتثميره وتوفيره وتكثيره وإيراده وتصديره وتسهيله وتيسيره وإزالة تعسيره وإذا أمسك دفاتره أظهر مآثره وإذا نسيت الجمل أبدى تذاكره والعمدة على شطبه في الحسبانات الحاضرة فلا يخرج من عنده شيء بغير ثبوت فإن التواقيع الشريفة هي كالأمثال سائرة ولايتخذ المعين إلا الأمين ولايستعين إلا بمن هو مأمون اليمين والوصايا كثيرة وهو غني عن التبيين فليتق الله رب العالمين وليستجلب لنا الأدعية من القفراء الصالحين فإن صدقاتنا الشريفة تنعم عليهم بمرتبات وأرزاق ونعم وأطلاق فليسهل قلت‏:‏ وقد يكتب لوظيفة استيفاء الدولة مفتتحاً برسم‏.‏

وهذه نسخة توقيع من ذلك باستيفاء الدولة كتب له لعلم الدين بن ريشة وهي‏:‏ رسم بالأمر الشريف - لابرحت أيامه الشريفة ترفع لذوي الكفاءة من إحسانها علماً وترجع مصالح الدولة إلىمن أحسن فيها خطاباً وأعمل في مهماتها قلماً وتختار من دأب في تكميل أدواته حتى صار على أنظاره متقدماً - أن يرتب فلان علماً بكفايته التي وضحت ودرايته التي فاقت مناظرها ورجحت وأمانته التي حصلت النماء وأربحت وهمته التي ميزت الأموال بإحرازها فعلى السداد ختمت وبالتحري افتتحت‏.‏

فليباشر هذه الوظيفةالتي تحتاج إليه تحتاج إليه باحتراز مثله والرتبة التي تيعين على مباشرها إيصال كل حق إلىأهله فقد أرجعنا ضبطها وتحريرها إليه واعتمدنا في تيسير أموالها وسد أحوالهاعليه فهو جدير ببلوغ القصد فيما قررناه لديه وحررناه بقلمه ويديه‏.‏

فليبسط في مصالح الديوان المعمور وأمواله قلمه وليعمل بماهو علم من تبيين حقائق أحوال وظيفته ويخلص فيه قوله وكلمه وليصن الأموال ويتفقد مايلزم العمال ويحث على حمول بيت المال ولبيسترفع الحسبانات من جهاتها على العادة وليستودع دجفاترها وجرائدها من يتحقق تحرزه وسداده وليتخذ معينيه من أرباب الحذق والراية والاطلاع على كل نقص وزيادةه وإبداء وإعادة وله من نفسه مالايحتاج معه إلى زيادة الوصايا وتكثيرها ومن ألمعيته مايدرك به الفصل في جليل الأمور وحقيرها فإنه قدج تخلق بأخلاق أهل الأدب وشارك في جليل الخطب وسد ماإليه عزمه انتدب والله تعالى يبلغه من الجود غاية الأرب ويعينه على صالح العمل وانتهاز القرب والاعتماد‏.‏

الخ ومنا - استيفاء الخاص‏.‏

وصاحبها في الخاص كمستوفي الدولة في ديوان الوزارة‏.‏

وهذه نسخة توقيع باستيفاء الخاص لمن لقبه أمين الدين وهي‏:‏ رسم بالأمر الشريف - لازالت أيامه الشريفة تقدم بمهماتها أميناً وتقدم في خدمته من اضحى معلى شمالاً ويميناً وتولي الرتب السنية من جعل التحرز لقلمه مصاحباً ولكلمه معيناً - أن يستقر فلان في كذا‏:‏ لما عرف من رئاسته التي ميزته وأمانته التي جمعت الرفع فأحرزته وضبطه الذي ترقى به في المراتب وتنقل وإدراكه الذي يصون به غوامض المصالح ويعقل ولما سلف له من خدمةٍ ملك فيها السداد ومباشرة علم بها ماهو متصف به من حسن الاعتماد‏.‏

فليباشر هذه الوظيفة التي وليها وليشهر من همته فيها مايرفع مكانته ويعليها وليدم المراقبة لمصالح ديوان الخاص الشريف في كل قولٍ وعمل وليسارع إلىمايفيد المناجح ويبلغ من الضبط والتحرز غاية الأمل وليصن الأموال من ضياعها ويحافظ على سلوك طرائق الحق واتباعها وليسترفع الحسبانات من أربابها ويتفقد محرراتها التي هو أعلم وأدرى بها ويتخذ من معينيه من أضحت معرفته للدقائق جامعة ويحتفل بمتحصلات أموال الخاص بعزمته التي أضحت معرفته لمكانته رافعة لاسيما ثغر الإسكندرية التي قد أصبحت جهاتها لطلب أقلامه متابعةً طائعة وليلزم كل عامل بتحرير مايجب عليه وما تنبغي فيه المراجعة فإنا قد أقمناه لذلك مستوفياً وليتصفح أموره الجليلة والحقيرة مستوضحاً مستقصياً وليتق الله الذي يبلغه من زيادة منحنا الأمل ويعينه على صالح العمل والله تعالى يمنحه من الخير ماينجح مسعاه وينزهه عن الزيغ والزلل والاعتماد‏.‏

الخ وهذه نسخة توقيع في المعنى لمن لقبه بدر الدين وهي‏:‏ رسم بالأمر الشريف - لازال يطلع لذوي الكفاية من إحسانه في سماء الإقبال بدراً ويرفع لمن أم الأبواب من أوليائه ذوي الرئاسة قدراً ويشفع لمن شكرت معرفته بنجح القصد فانشرح له بالمنن الجمة صدراً - أن يستقر فلان في كذا‏:‏ لكفايته التي خطب بسببها إلى مقره ودرايته التي استوجب بها أن نطق لسان القلم بذكره ونزاهته التي أجمعت بها أمثاله على شكره وأمانته التي تستدعي الحق في حلو الأمر ومره وديانته التي هي من أصل في كل أمره وصيانته التي يعتمدها في سره وجهره ومشارفته المصالح بعين يقظته التي يلوح لها وجه الصواب فيقف عند فليباشر هذه الوظيفة التي أسلفها حسن الاعتماد وليوفها من معهود يقظته يمن الاجتهاد وليحقق حسن ظن المباشرين ورغبتهم فيه من الإنصاف في الإرفاق والإرفاد وليعمر جهات الأموال بجميل الاقتصاد وينجز الأحوال على سبيل السداد وليتبع منهاج الخير في كل مايأتيه من إصدار وإيراد فقد رجع ضبط هذه الجهة إليه واعتمد في تحريرها عليه فليصن الأموال ويتفقد ماتحسن به العقبى والمآل وليتحر في جميع ماهو لازم له أن يكون على الحق الواضح والسنن القويم فإنه المتجر الرابح والمآب الناجح وتقوى الله تعالى فهي عمدة كل عبدٍ صالح والوصايا كثيرة مبينة تغني عن إفصاح الشارح والله تعالى يلهمه الطريق السديدة ويرشده ويعينه بالتوفيق وينجده إن شاء الله تعالى‏.‏

ومنها - استيفاء البيوت والحاشيةوهذه نسخة توقيع بذلك كتب بها لعلم الدين شاكر عوضاً عن تاج الدين بن الغزولي في الأيام الأشرفية شعبان بن حسين وهي‏:‏ رسم بالأمر الشريف - لازالت صدقاته الشريفة تمنح الأكفاء من إحسانها نعماً وتضاعف لهم من عطائها كرماً وأيامه الشريفة تعم البيوت الكريمة بكافٍ قد نشرت له الأمانة في دولته الأشرفية علماً ومواهبه تقدم للوظائف من أضحى شاكراً لله تعالى وتبسط له في دواوين أعز الأنصار قلماً - أن يستقر المجلس السامي القاضي فلان الدين في كذا وكذا‏:‏ لأمانته الموفورة ومعرفته المشهورة ومحاسنه المذكورة وسيرته المشكورة وكتابته التي أضحت في صفحات الحسبانات مسطورة وديانته التي جددت بهجته وسروره وخبرته بمنازل البيوت المعمورة وقدم هجرته في الوظائف التي أوجبت نقلته إلىأجلها وصدارته التي رفعته إلى أرفع محلها كم له في دواوين أعز الأنصار من أقلام منفذه وآراء مسددة ونظرٍ أصلح به كل فاسد وكبت به كل حاسد وضبطٍ لأصول الأموال وتتبع للمصالح في البكر والآصا‏.‏

فليباشر هذه الوظيفة المباركة التي هو أخبر بمباشرتها وأعلم بأحوال البيوت الكريمة وعمارتها وليظهر في الحاشية السعيدة مآثره السحنة ونزاهته التي نطقت بشكرها الألسنة وليبد في مباشرته كم كل شيءٍ أحسنه وليسلك طرائق الأمانة وليقف آثار ذوي العفاف والصيانة وليلازم مباشرة أعز ولي في المساء والصباح ولايشغله عن مصالح ممهد الدول من هو لسلطاننا الأشرف أمير السلاح والله تعالى يفتح له من الخير أبواب النجاح‏.‏

والاعتماد على الخط الشريف أعلاه إن شاء الله تعالى‏.‏

قلت‏:‏ ومما ينخرط في سلك تواقيع أرباب الوظائف السلطانية وظائف دواوين الأمراء الخاصكية فإنه ربما كتب عن السلطان التوقيع لبعض أرباب وظائف دواوينهم كما يكتب في الوظائف السلطانية‏.‏

أما بعد حمد الله الذي هدى إلى الملة المحمدية من أسر الإيمان في قلبه ونواه وضم إلى الأمة الإسلامية من أضمر الإخلاص فأظهره الله في متقلبه ومثواه وجمع لولي الدولة ومخلصها الفرج والفرح لأنه من توكل عليه كفاه والشهادة بالوحدانية التي تبلغ قائلها من رضاه مناه وتجعل جناته لمن أسرها جنانه مستقره ومأواه والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي قصم عداه وفصم عرا من عاداه من أهل الشرك وعداه وعلى آله وصحبه الذين اهتدوا بهداه واستجدوا جداه ولبوا نداه وأموا نداه صلاةً تجزل لمصليها ثوابه وتجمل مآبه وتحمد عقباه 0 فإن أولى من رفع له الكرم محلاً وقلدته النعم عقداً محلى وأعيد إلى رتبة الاصطفاء وفوض إليه ديوان أعز الأخصاء ةصرف قلمه في مهامه وحصلت هممه على جميع أقسامه وعدقت مصالحه بتدبيره ومناجحه بتأثيله وتأثيره ومتحصلاته بتمييزه وتثميره وأحواله وأمواله‏:‏ هذه بحسن تصرفه وهذه بيمن تقريره - من دخل في دين الله القويم واجتباه وهداه إلى الصراط المستقيم وكساه الإسلام حلة شرفه وبوأه الإيمان مباني غرفه ونوى الاستقامة في إقامته ومنصرفه والتحف بجلباب الإسلام وارتدى وتلبس بالإيمان فصد عنه الأذى ورد الردى وغدا من أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى مع كفاية أوجبت له التقريب والتقدين وجددت له ملابس التكبير والتكريم وكتابةٍ فاق بها أمثاله وعلا مثاله وبلغته من العلياء مرامه ومناله ومعرفةٍ بفنون الحساب وخبرة اعترف بها الكتاب والحساب وأوجبت له من الإقبال مالم يكن في حساب‏.‏

ولما كان مجلس القاضي فلان‏:‏ هو الذي أخذا القلم في مدحه والكرم في منحه اقتضى رأينا الشريف أن نقبل على إقباله على الدين بوجه الإقبال وأن نبلغه في أيامنا الشريفة ماكان يرجوه من اللآمال فلذلك رسم بالأمر الشريف - لازال يرفع من كان للدولة ولياً ويضع الشيء محله بتقديم من أضحى عرفانه جلياً‏.‏

فليباشر ذلك مباشرةً تبلغه أملاً من الاعتلاء وتنوله مراماً من الاعتناء وتؤمنه من طوارق الزمن وحوادث الاعتداء عالماً بأن دولتنا الفلانية المنصورة تجازي عن الحسنة بأمثالها وأن أيامنا الفلانية المشهورة المشكورة تبلغ أولياءها غاية آمالها وأننا أجزلنا بره وأجملنا ذكره وأجرينا على لسان القلم حمده وشكره فليعتمد في مباشرته الأمانة المبرة والنزاهة التي رفعت ماساءه ووضعت ماسره وليشمر في مصالح هذا الديوان السعيد عن ساعد اجتهاده ويعتمد في أموره ماألف من سداده ويتحر من السعادة ماكان قبل القول من سعاده وليتق الله حق تقاته ويجعل التقوى حليةً لأوقاته وحلة علىسائر تصرفاته ويسر بتقواه سيراً خبراً وخبرا ويذر جوراً وجبرا ‏"‏ ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا ‏"‏ قلت‏:‏ وغالب مايعتنى به من تواقيع أرباب الأقلام المفتتحة برسم الدعاء المصدر به المصدر به التواقيع واشتماله على براعة الاستهلال‏.‏

وهذه جملة أدعية من ذلك ينسج على منوالها‏:‏ أثير الدين - لازال فلك فضله أثيراً وطالع سعده منيراً وهبوب ريح مبراته للخيرات مثيراً‏.‏

أمين الدين - لازال ينبغي للخدم الشريفة خير أمين ويصطفي للقيام بالمصالح أنهض معين ويجتبي لأهم المهمات من هو غير متهم في المناصحة وغير ظنين‏.‏

بدر الدين - لازال يولي المناصب الدينية من سلك في النواهة مسلكاً جميلاً ويولي الفضل الجزيل من أصحى إشراق بدره على آثار حظه دليلاً‏.‏

برهان الدين - لازالت أوامره الشريفة ترفع للعلماء شاناً وتقيم على استحقاقهم دليلاً واضحاً وبرهاناً‏.‏

تاج الدين - لازالت صدقاته الشريفة ترفع تاج الفضائل على الرؤوس وبره الشامل يذكي النفوس ويزكي الغروس وتوارد إفضاله يوشي المهارق ويدبج الطروس‏.‏

تقي الدين - لازالت صدقاته الشريفة تقدم كل تقي وترجح ميزان من هو بالفضائل أملى ملي وترفع قدر من إذا سئل عن محله في الرياسة قيل علي‏.‏

جلال الدين - لازالت صدقاته الشريفة تزيد جلال ذوي الفضل جلالاً وإحسانه المتواتر يوسع في البر لأولي الاستحقاق مجالاً وبره المتتابع تقصر عنه خطا كل بر فينادى‏:‏ هكذا هكذا وإلا فلا لا رضي الدين - لازال رضي السجايا ظاهر المزايا مسترسل ديم العطايا‏.‏

زين الدين - لازال نواله الشريف زيناً لنائله وسؤاله المحقق إجابته شرفاً لسائله وقاصد بابه الشريف يوم بالخير في عاجل الأمر وآجله‏.‏

سراج الدين - لازالت عنايته الشريفة تخص أولياءها بجزيل المواهب وتبلغهم من صدقاتها العامة غاية الآمال وأقصى المطالب وتوقد لهم من أنوار سعادتها سراجاً يغلب على نورالكواكب‏.‏

سري الدين - لازالت صدقاته الشريفة تصطفي من أرباب الكتابة من يجيد المعاني فلا يضع لفظاً إلا جعل تحته معنى سرياً وترتضي من فرسان البراعة في ميدان اليراعة من يرتقي ببلاغته مكاناً علياً وتجتبي من أهل الإجادة من تميز بالإفادة فلا يزال كلامه الطروس حليا‏.‏

شرف الدين‏:‏ لازالت صدقاته الشريفة تضع الشيء فيمحله وترجع الفضل إلى مستحقه وأهله وتختار للمناصب من ظهر شرفه بين قوله وفعله‏.‏

شمس الدين - لازالت صدقاته الشريفة تطلع في سماء الممن ذوي الرياسة شمساً ونعمه الجسيمة تنبت في روض الإحسان غرساً ومراسمه العالية تنقل إلى رتب الرياسة من شدت كفه على عدد الأماني خمساً‏.‏

شهاب الدين - لازالت صدقاته الشريفة تطلع في أفقها شهاباً وتهمل من جزيل المواهب للأماني سحاباً وتضع الشيء في محله وتزيد الأمور انتظاماً والدعاء استجلاباً‏.‏

صدر الدين - لازالت آراؤه الشريفة تستجيد من ذوي الفضائل من جاوز الجوزاء نظماً وفاق النثرة نثراً وتستعيد للمناصب من الأمائل من تقصر عن مجده الكوكب وفعة وقدراً وتستزيد في المرابت من فاق سحبان وائلٍ وساد الأوائل في مجالس العلياء صدراً‏.‏

صلاح الدين - لازال أمره الشريف يقدم من يفيد ويجيد فيكون لكل أمر صلاحاً وكرمه الطويل المديد يشمل من ذوي الفضائل من فاق سحبان وائلٍ فصاحةً وفاق حاتم الأوائل سماحاً ورأيه الرشيد السديد يختار من إذا انتضى اليراعة غلب رأيه سيوفاً وطال قلمه رماحاً‏.‏

ضياء الدين - لازالت آراؤه الجميله تختار من ذوي الفضائل الجليلة من تزداد به المناصب ضياءً ونعمه الجزيلة تعم كل باعر إذا ادلهمت الخطوب كان فوه لها جلاءً وعوارفه المستطيلة علم الدين - لازال جزيل إحسانه أوضح من نارٍ على علم ومزيد امتنانه يشمل أرباب السيف والقلم وسحب بنانه تسح فلا تشح بجزيل الكرم‏.‏

علاء الدين - لازال علاء دولته يصطفي ذوي الفضائل ويختار من الفصحاء من يفوت الأواخر كما أضحى يفوت الأوائل ويقدم من هو في تدبير اليراعة كعلي بن هلال وفي حسن البراعة كسحبان وائل‏.‏

عز الدين - لازالت صدقاته الشريفة تزيد ذوي الأقلام من جزيل الإنعام فتنيلهم عزاً وتستجيد من كتابها الأعلام من خص بجواهر الكلام فكل حسن إلى كلامه يعزى وتستفيد من نجباء الأيام كل بارع كأن كلامه زهر الكمام فلو خاطب سحبان لأورثه قصوراً وعجزاً‏.‏

عماد الدين - لازالت آراؤه الشريفة تتخذ من نجباء الكتاب عماداً وتختار من ذوي الفضائل في الخطاب من تجد لكلامه حسناً وسداداً وتقدم من أهل الفضل في السؤال والجواب من لاتعدم في كل مقاصده رشاداً‏.‏

عضد الدين - لازالت صدقاته الشريفة تجعل من إنعامها لخدامها عضداً وتلحظ بعين إكرامها وحسن احتلرامها من طال في الفضل مدى وتزين مطالع أيامها بشموس أعلامها فلا ترى مثلهم أحداً‏.‏

غرس الدين - لازالت صدقاته الشريفة تنبت في روض الإحسان من أرباب البيان غرساً وتجتني من كمام اللسان أزاهر النكت الحسان وتزين بها طرساً وتفيض من مواهب البنان مايشهد لها بجزيل الامتنان فيطيب كل آمل ٍ نفساً‏.‏

غياث الدين - لازالت صدقاته الشريفة تبدي لكل آمل غياثها وتضفي ظلها على من استجار بها واستغاثها وتنطق ألسن أقلامها بمواهب إنعامها فتبذل طريفها وتراثها‏.‏

فتح الدين - لازالت صدقاته الشريفة تتخير من ذوي الأقلام من يفتح أبواب الكلام فتحاً وتهب جزيل الإنعام لمن يستحقه من الكتاب الأعلام فينال بذلك ثناءً وربحاً وتقرب بيد العناية والإكرام من ذوي الرياسة والاحترام من هز على البلغاء قدحاً‏.‏

فخر الدين - لازالت آراؤه الشريفة تنصب من المناصب من يزيد بحسن مباشرته فخرها وتمطي ظهور المراتب من إذا أظلمت الأيام لعدم فاضل ظهر بفضيلته فجرها قطب الدين - لازالت صدقاته الشريفة تدير على قطب البلاغة من أرباب اليراعة نجوماً وتشير بعنايتها إلى من حاز من الفضل فنوناً وأحيا من الآداب رسوماً وتشير بعنايتها إلى من حاز من الفضل فنوناً وأحيا من الآداب رسوماً وتنير بدور سعدها لمن لم يزل قلمه لأسرار الملك كتوماً‏.‏

كريم الدين - لازالت صدقاته الشريفة تشمل من ذوي الفضائل من عد في فصله وأصله كريماً فتقدم من لاله في البلاغة مماثل فلا يزال بكل فن عليماً وتنصب في المناصب من فات قيس الأوائل رأياً وفاق قساً بحديث بلاغته قديماً‏.‏

كمال الدين - لازالت سعادته الباهرة تطلع في سماء العلياء من فاق البدور كمالاً وأوامره القاهرة تقدم أسنى البلغاء جلالاً واسمى صدقاته الوافية تعم من ذوي الفضائل من زاد بحسن المناصب بحسن مباشرته مهابةً وجمالاً‏.‏

مجد الدين - لازالت صدقاته الشريفة تملك أعنة الأقلام من تراه لها مجداً وتودع بجيد الأيام من جواهر الفضلاء عقداً وتشمل بأياديها الكرام من إذا جمع البلغاء كان بينهم فرداً محيي الدين - لازالت أوامره الشريفة تشمل من البلغاء من شهر بفصل الخطاب وإذا ماتت الفضائل يحييها وغيث جودهالهامي يفيض فيض السحاب فيبادر العفاة ويحييها وعنايته تعم ذوي الألباب فتمهد رتب العز و تهييها‏.‏

موفق الدين - لازالت صدقاته الشريفة تطلع كل هلال من اهتدى به كان موفقاً وتملك من يزري بابن هلال أنى كتب‏:‏ رقاعاً ومحققاً وتفيض لراجيها أفضل نوالٍ من شبهه بالغيث كان محققاً‏.‏

ناصر الدين - لازال يقرب من أصحى لأهل الكلام بمهفات اللأقلام ناصراً ويهب طويل الإنعام لمن باعه مديد في النثر والنظام فمابرح فضله وافراً وينتخب من غدا شريعاً لعادات الكرام مضارعاً لصفات الكتاب الأعلام وأصبح في البيان نادراً‏.‏

نجم الدين - لازالت أومره الشريفة تطلع في أفق السعادة من ذوي السيادة نجماً وتعم بجزيل الإفادة من عرف بالفضل وبالإجادة وفاق أقرانه نثراً ونظماً وتسمح من عنايتها بالإرادة لمن هو أهل الحسنى وزيادة بتجزل له من كرمها قسماً‏.‏

نور الدين - لازالت صدقاته الشريفة تعم بالنوال من هو في البراعة متسع المجال فيزيد الكلام نوراً وحسناته تشمل ذوي الآمال بما يحمد في البدء والمآل فتملأ القلوب سروراً ومبراته تصل أولي الكمال وتنتخب أخيار العمال فلا برح أنفذ الملوك أموراً‏.‏

نظام الدين - لازال يتخير من كان في الناس مجيداً وفي البيان مجيداً فحسن لفظه نظاماً ويهب من بره مزيداً لمن كان في الخدمة مريداً فلا ينقض للنصيحة ذماماً ويبذل كرماً مفيداً لمن يراه في الفضل مبدئاً ومعيداً فحاز فخاراً وطاب كلاماً‏.‏

همام الدين - لازال يرتضي من هو في فرسان اليراعة أنهض همام ويقتضي وعد كرمه لمن نهض في الرياسة نهوض اهتمام وينتضي عضد ذهنه فيصيب مفصل كل كلام‏.‏

ولي الدين - لازال يحلي أجياد المناصب من ذوي البلاغة بمن يحسن في الكلام الصياغة فينظمه حلياً ويجلي كرب المراتب من فرسان اليراعة بمن راح فضله ولفظه جلياً ويولي المناصب منغدا في البيان وافر البضاعة فاتخذته الأقلام وليا‏.‏

  الضرب الرابع من الوظائف التي يكتب فيها بالديار المصرية مشيخة الخوانق

وكلها يكتب بها تواقيع مشيخة الخوانق وهي على طبقات‏:‏ الطبقة الأولى ما يكتب في قطع النصف بالمجلس العالي مفتتحاً بالحمد لله وهو مشيخة الشيوخ خاصة واعلم أن مشيخة الشيوخ كانت فيما تقدم تطلق على مشيخة الخانقاه الصلاحية سعيد السعداء فيكتب فيها بذلك ولم يزل الأمر على ذلك إلى أن بنى السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون الخانقاه الناصرية بسرياقوس استقرت الشيوخ على من يكون شيخاً بها والأمر على ذلك إلى الآن‏.‏

وهذه نسخة توقيع بمشيخة الشيوخ بالخانقاه الصلاحية سعيد السعداء بالقاهرة المحروسة بتسم الشيخ شمس الدين بن النخجواني من إنشاء المقر الشهابي بن فضل الله العمري وهي‏:‏ الحمد لله مرقي أوليائه وموقي أصفيائه وملقي كلمة الإخلاص لمن تلقى سرها المصون عن نحمده على مصافاة أهل صفائه وموافاة نعمنا لمن تمسك بعهود وفائه وتسلك فأصبحت رجال كالجواهر لاتنتظم في سلكه ولاتعد من أكفائه وطالع للدين شمساً يباهي الشمس رضيائه ويباهل البدر التمام فيتغير تارةً من خجله وتارةً من حيائه‏.‏

ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادة نعدها ذخراً للقائه وفخراً باقياً ببقائه راقاي ‏"‏ في الدرحات العلى بارتقائه‏.‏

ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله مبلغ أنبائه ومسوغ الولفى لأحبائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان من أهل ولائه ومن عرف به الله لما تفكر في آلائه صلاةً يؤمل دوامها من نعمائه ويؤمن عليها سكان أرضه وسمائه وسلم تسليماً كثيراً‏.‏

وبعد فإن أولى مااستقام به الشخص على الطريقة واستدام به الرجوع إلى الحقيقة واستام به يطمئن إلى خالقه لا إلى الخليقة وحفظ أفقه بنير تستضيء به النيرات ونوءٍ تتقسم به الغمائم الممطرات - طائفة أهل الصلاح ومن معهم منإخوان أهل الصفاء الصوفية داعي الفلاح ومن تضمهم من الواردين إليهم إلى جناح والصادرين عنهم بنجاح ومن تفتح له فيهم أبواب السماء وتمنح بنفسهم عامة الخلق ملابس النعماء ومن يكشف بتهجدهم جنح كل ظلام ويكسف بتوجههم عارضة كل بدر تمام ويستشفى ببركاتهم من داء كل سقام ويستسقى بدعائهم إذا قصر النيل وقص جناحه الغمام‏.‏

وهم أولياء الله وأحباؤه وبهم يتعلل كل لبيب هم سقامه وهم أطباؤه أنحلهم الحب حتى عادوا كالأرواح وأشغلهم الحب بصوت كل حمام شجاهم لماغنى وبرح بهم لما ناح وأطربهم كل سمع فوجدوا بكل شيء شجناً وعذبهم الهوى فاستعذبوا أن لايلائموا وسناً ومثل فرط الكلف لهم الأحباب فما رأوا لهم حالاً إلا حسناً وأثقل تكرار الذكرى قلوبهم فماعدوا غربةً غربةً ولاوطناً قربت المحبة لهم في ذات كل متباعد وألفت أشتاتهم فاختلفت الأسماء والمعنى واحد‏.‏

والخانقاه الصلاحية بالقاهرة المحروسة المعروفة بسعيد السعداء - قدس الله روح واقفها - هي قطب نجومهم السائرة ومراكز أفلاكهم الدائرة وإليها تنحط رحال سفارهم وعليها تحط رحال سفارهم تضطرب فرقهم في البلاد وإليها مرجعهم وعليا مجتمعهم وفيها مواضع خلواتهم ومطالع جلواتهم ومكان صلاتهم وإمكان صلاتهم ومشرق شموسهم ومؤنق غروسهم ومنهاج طريقتهم ومعراج حقيقتهم مأوى هذه الطائفة الطائفة في شرق البلاد وغربها وبعدها وقربها وعجمها وعربها ومن رفع سجوفها أو هو محجوب بحجبها والمؤهلة والعراب وأهل الاغتراب هي فسيحهم الرحيب وصفيحهم القريب ومثالهم إذا اجتمعوا في الملأ الأعلى زمراً واخترقوا المهامة وماجازوا بيداء ولاجابوا مقفراً وبلغوا الغاية وماأزعج ركابهم حادٍ في ليلسرى ووصلوا ومافارقوا فرشهم الممهدة إلى ماوراء الورى شرط كل خانقاه أن لاتغلق في وجه من ينزل فيها باباً ولاتطيل جهاتها الممنعة له حجاباً ولاتعجل مقاماتها المرفعة له قبل‏.‏

وهذه نسخة توقيع بمشيخة الشيوخ وهي مشيخة الخانقاه الناصرية بسرياقوس مما كتب بذلك للشيخ نظام الدين الأصفهاني منإنشاء السيد الشريف شمس الدين‏:‏ الطرة توقيع شريف بأن يفوض إلى المجلس العالي الشيخي النظامي إسحق ابن الشيخ المرحوم جلال الدين عاصم ابن الشيخ المرحوم سعد الدين محمد الأصفهاني القرشي الشافعي - أدام الله النفع ببركته - مشيخة الخانقاه السعيدة الناصرية بسرياقوس - قدس الله روح واقفها - ومشيخة الشيوخ بالديار المصرية والبلاد الشامية والحلبية والفتوحات الساحلية وسائر الممالك الإسلامية المحروسة على عادته في ذلك وقاعدته ومعلومه وأن يكون ما يخص بيت المال من ميراث كل من يتوفى من الصوفيه بالخانقاه بسرياقوس للشيخ نظام الدين المشار إليه بحيث لايكون لأمين الحكم ولا لديوان المواريث معه في ذلك حديث وتكون أمور الخانقاه المذكورة فيما يتعلق بالمشيخة وأحوال الصوفية راجعةً للشيخ نظام الدين المشار إليه ولايكون لأحد من المحكام ولا من جهة الحسبة ولا القضاة في ذلك حديث معه ولايشهد أحد من الصوفية ولاينتسب إلا بإذنه على جاري عادته في ذلك على ماشرح فيه وأولة‏:‏ الحمد لله على نعمه التي ألفت للصالحين من عباده نظاماً واستأنفت للصائحين إلى مراده إحراماً وصرفت أوامرنا بالعدل والإحسان لمن فوض أموره إلى ربه فأنجح له من مزيد التأييد مراداً ومراماً وعطفت بأوجه إقبالها الحسان على من هو متنزه عن دنياه متوجه إلى أخراه يمضي نهاره صياماً وليله قياماً‏.‏

نحمده على أن جعلنا نرعى للأولياء ذماماً ونسعى بالنعماء إليهم ابتداء وإتماماً ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادةً ترفع للمخاصين في عليين مقاماً وتدفع بأعمال الصدق عن المتوكلين عليه بأساً وأسقاماً ونشهد أن عليين مقاماً وتدفع بأعمال الصدق عن المتوكلين عليه بأساً وأسقاماً ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي جعله للمتقين إماماً وفضله على النبيين إجلالاً وإعظاماً وكمله بالسمات المكرمات والصفات المشرفات مما لا يضاهى ولايسامى صلى الله عليه وعلى آله الذين شرفوا إضافة إلى نسبه الشريف و انضماماً ورضي الله عن أصحابه الذين عرفوا الحق فبذلوا في إقامته اجتهاداً واهتماماً صلاةً تجمل افتتاحاً واختتاماً وتجزل إرباحاً وإنعاماً وسلم تسليماً كثيراً‏.‏

وبعد فشيمنا العدل والإنصاف لمن له بيمن الأعراق اتصال وبحسن الأخلاق اتصاف ومن كرمنا الفضل والإسعاف لمن لاخفاء في تعينه لتصدير التقديم وتكريم التكريم ولاخلاف ومن سجايانا الجميلة أن لاتضاع حقوق من هو في الزهادة والعبودية إمام لألسنة الأيام بحلاه الحسنة إقرار واعتراف لمزايانا جميل المحافظة وجليل الملاحظة لمن توكل على الله حق التوكل فله انتصار بالله تعالى وانتصاف‏:‏ لأنه العريق الأسلاف الرفيق بالضعاف الحقيق بتوفير التوفيق الذي له بحركاته المباركة اكتناف المطيق النهوض بأعباء الرياسة‏:‏ لأن للقلوب على محبته ائتلاف السبوق إلى غايات الغلوات الذي تحف به في بلوغ آماد الإسعاد من الله تعالى ألطاف والصدوق النية مع الله تهالى فكم والى لنعمائه الزيادة والاستئناف‏.‏

وكان المجلس العالي الشيخي الإمامي الكبيري العالمي العاملي الأوحدي القدوي الورعي الزاهدي الناسكي الخاشعي السالكي الأصيلي العريقي القوامي العلامي النظامي‏:‏ جمال الإسلام والمسلمين شرف العلماء في العالمين أوحد الفضلاء قدوة المشايخ مربي السالكين كنز الطالبين موضح الطريقة مبين الحقيقة شيخ شيوخ العارفين بركة الملوك والسلاطين ولي أمير المؤمنين إسحق ابن الشيخ المرحوم فلان - أدام الله النفع ببركاته - هو المفوض أموره إلى ربه المعرض عن الدنيا بباطنه وقلبه المتعوض بما عند الله من فضله فما زال الإيثار من شأنه ودأبه إلى إخوانه وصحبه فهو من الذين يطعمون الطعام على حبه ويلهمون من العمل المبرور إلى اقربه من الله وأحبه ويقومون الظلام مع أولياء الله المخلصين وحزبه ويستديمون الإنعام من الله تعالى بالإحسان إلى عباده ففرعهم لأصلهم في صنعهم الإنعان من الله تعالى باإحسان إلى عباده ففرعهم لأصلهم في صنعهم مشبه ويستسلمون لأحكام الله تعالى وكلهم شاكر لربه على حلو القضاء ومره صابر على سهل الأمر وصعبه سائر بالصدق في شرق الوجود وغربه مثابر على الحق في عجم الخلق وعربه‏.‏

فلذلك رسم بالأمر الشريف - لازال يوصل الحقوق إلى مستحقيها ويجمل الوثوق بمن تتجمل المراتب الدينية منه بترقيها - أن يفوض إلى المشار إليه مشيخة الخانقاه السعيدة الناصرية بسرياقوس - قدس الله روح واقفها - ومشيخة الشيوخ بالديار المصرية والبلاد الشامية والحلبية والفتوحات الساحلية وسائر الممالك الإسلامية المحروسة على عادته في ذلك وقاعدته ومعلومه وأن يكون مايخص بيت المال المعمور من ميراث كل من يتوفى من الصوفيه بالخانقاه المذكورة للمشار إليه بحيث لايكون لأمين الحكم ولا لديوان المواريث معه في ذلك حديث وتكون أمور الخانقاه المذكورة فيما يتعلق بالمشيخة وأحوال الصوفية راجعةً إليه ولايكون لأحدٍ من الحكام ولا من جهة الحسبة ولاالقضاة في ذلك حديث معه ولايشهد أحد من الصوفية فليعد إليها عوداً حميداً وليفد من الإصلاح مالم يزل مفيداً وليعتصم بالله تعالى مولاه فيما تولاه وقد آتاه الله تثبيتاً وتسديداً وليشهد بها من القوم المباركين من كان عوده قبل الصوم عيداً وهو أعزه الله تعالى المسعود المباشرة المحمود المعاشرة المشهود منه اعتماد الاجتهاد في الدنيا والآخرة المعهود منه النفع التام في فقراء مصر والشام فكم أثر الخير وآثره وكثر البر ووارته ويسر السير الحسن الذي لم يبرح لسان الإجماع شاكره‏.‏

ونحن نوصيه عملاً بما أمر الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم في كتابه المبين بقوله وهو أصدق القائلين‏:‏ وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين وإن كنا نتحقق ما هو عليه من العلم والدين والحكم الرصين والزهد والورع اللذين نحن منهما على بينة ويقين باتباع شروط الواقفين والإمتاع بالعوارف أولياء الله العارفين‏:‏ فإنه مازال حيث حل في جميع الآفاق عاملاً في لإيصلا الحقوق لذوي الاستحقاق‏.‏

ونأمرهم أن يكون لهم على تكريمه إتفاق وفي متابعته اجتماع واتساق فإنه شيخ الطوائف وإمام تقتبس منه اللطائف وتلتمس منه الهداية في المواطن والمواقف والله تعالى يمتع ببركاته الأمة ويسمع منه في الخلوات لنا الدعوات التي تكون لأوراده المقوبلة مفتتحة ومتمة ويصله بعنايته التي تقيد الهم وتؤيد الهمة ويجعله حيث كان للفقراء نعمةً وبين الناس رحمة والعلامة الشريفة أعلاه حجة بمقتضاه‏.‏

أرباب الوظائف العادية من أرباب الوظائف بالديار المصرية بالحضرة أرباب الوظائف العادية وكلها تواقيع وهي على طبقات‏:‏ الطبقة الأولى رئيس الأطباء المتحدث عليهم من يكتب له في قطع النصف بالمجلس العالي وهو رئيس الأطباء المتحدث عليهم في الإذن في التطبب والعلاج والمنع في ذلك ومايجري هذا المجرى وهذه نسخة توقيع برياسة الطب وهي‏:‏ الحمد لله مؤتي الحكمة من يشاء من عباده ومعطي أمانة الأرواح من ترقي في حفظها إلى رتبة اجتهاده وجاعل علم الأبدان أحد قسمي العلم المطلق في حالي اجتماعه وانفارده وموفق من جعل نصح خلق الله فيه سبباً لسعادة دنياه وذخيرةً صالحةً ليوم معاده ومبلغ من كان دائباً في إعانة البرية على طاعة ربها بدوام الصحة غاية مرامه ورافع رتبة من دل اختياره واختباره على وفور علمه ونجح علاجه وإصابة رأيه وسداده‏.‏

نحمده على نعمه التي خصت بنعمنا من كمل في نوعه وفصله وحسن في علمه وعمله قوله وفعله وجمع من أمانة وظيفته ومعرفتها ماإذا جلس في أسنى مناصبها قيل‏:‏ هذا أهله ونشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادةً تشرق البصائر بأضوائها وتفرق الضمائر بإخلاصها من أدوائها وتغدق بيمينها أنواء التوفيق فتتأرج رياض الإيمان بين روائها وإروائها ونشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أنارت ملمته فلم تخف على ذي نظر وعلت أدلته فلم ينلها من في باع رويته قصر وبهرت معجزاته فلو حاولت الأنفاس حصرها أفناها العي والحصر صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كانوا لأدواء القلوب علاجاً ولسلسبيل الإيمان مزاجاً وللبصائر السائرة في دجى الشبهات سراجاً صلاةً دائمة الإقامة متصلة الدوام إلى يوم القيامة وسلم تسلمياً كثراً‏.‏

وبعد‏:‏ فإن صناعة الطب علم موضوعها حفظ الأبدان النفيسة ومقصودها إعانة الطبيعة على حماية الأعضاء الرئيسية ومدارها الأعمر على معرفة العوارض وأسبابها ومدركها الأتم الوقوع على الصواب في معرفة الجسوم وأوصابها وحينئذٍ تتفاوت رتب أهلها عند تشعب مداركها واختلاف مسالكها وتشابه عللها والتباس صوابها بخللها إذ لايميز ذلك حق تمييزه إلا من طال في العلم تبحره وحسن في رتب هذا الفن تصدره وطابق بين نقله وعلاجه وعرف حقيقة كل مركب من الأدوية ومفردٍ ولقب بشرعة التقوى إذ كان الإقدام على النفوس قبل تحقق الداء والدواء مذموماً شرعاً وعقلاً ولذلك تحتاج إلى رئيس ينعم في مصالحها نظره ويجمل في منافعها ورده وصدره ويعتبر أحوال أهلها بمعيار فضله ويلزم الداخل فيها ببلوغ الحد الذي لابد منه بين أرباب هذا الشأن وأهله ويعرف لأكابر هذا الفن قدر منحهم الله من علم وعمل ويبسط رجاء المبتديء إذا كمل نفسه حتى لايكون له فيها بغير كمال الاستحقاق طمع لاأمل‏.‏

ولمل كان المجلس السامي القاضي الأجل الحكيم فلان الدين‏:‏ هو الذي بلغ من العلم غاية مراده واحتوى من هذا الشأن على ماجمع به رتب الفاضلين فيه على آنفراده فلو عاصره الرئيس لاعتمد عليه في كليات قانونه أو الرازي لعلم أم 0 حاوية من بعض فنونه قد حلب هذا العلمأشطره وأكل قراءة هذا الفن رموزه وأسطره وحل أسراره الغامضة وارتوى من سحب رموزه بأنواء لم يسم غير فكره بروقها الوامضة وأسلف منخدمة أبوابنا العالية سفراً وحضراً مااقتضى له مزية شكره وتقاضى له مزيد التنبيه على قدره والتنويه بذكره وحمد فيه الفريدان‏:‏ صحة نقله وإصابة فكره وعلم أنه جامع علوم هذه الصناعة فلا يشذ منها شيء عن خاطره ولايغيب منها نقل عن ذكره‏.‏

فلذلك رسم بالأمر الشريف - لازال شهاب فضله لامعاً وسحاب بره هامعاً - أن يكون فلان متولي رياسة الأطباء بالديار المصرية على عادة تقدمه‏.‏

فليباشرهذه الرياسة ناظراً في مصالحها مطلعاً من شهاب فضله مايزين أفقها زينة السماء بمصابيحها متفقداً أحوال مباشريها متلمحاً أحوال المستقبل بأعبائها والداخل فيها سالكاً في ذلك سبيل من تقدمه من رؤسائها حاكماً في أمورها بماجرت به العادة المستقرة بين أكابرها وعلمائها مطارحاً من قدمت أمورها بما جرت به العادة المستقرة بين أكابرها وعلمائها مطارحاً من قدمت هجرته فيها بما يقتضي له مراجعة أصوله ملزماً من ظهر قصوره فيها بالتدربإلى حد لايقنع منه بدون حصوله مجيباً في الإذن لمن أظهر الاستحقاق صدق ماآدعاه قابلاً في الثبوت من مشايخ هذه الصناعة من لايشهد إلا بما علمه ولايخبر من التدرب إلا بما رآه ووعاه متحرياً في الثبوت لدينه آذناً بعد ذلك في التصرف إن ترقى علمه باستحقاقه إلى رتبة تعيينه وليعط هذه الوظيفة حقها من تقديم المبرزين في علمها وتكريم من محه الله درجتي نقلها وفهمها وتعليم من ليس عليها من أدواتها المعتبرة غير وسمها واسمها ومنع من يتطرق من الطرقية إلى معالجة وهو عار عن ردائها وكف يد من يتجهم على النفوس فيما غمض من أدوائها قبل تحقق دوائها واعتبار التقوى فيمن يتصدى لهذه الوظيفة فإنها أحد أركانها واختيار الأمانة فيمن يصلح للإطلاع على الأعضاء التي لولا الضرورة المبيحة حرم الوقوف على مكانها وليكن في ذلك جميعه مجانباً للهوى ناوياً نفع الناس فإنما لمريء مانوى والله تعالى يحقق له الأمل ويسدده في القول والعمل بمنه وكرمه‏.‏

وهذه نسخة توقيع برياسة الطب من إنشاء الشيخ سهاب الدين محمدوٍ الحلبي كتب بها لشهاب الدين الحكيم في المحرم سنة تسع وسبعمائة وهي‏:‏ أما بعد حمد الله حاسم أدواء القلوب بلطائف حكمته وقاسم أنواع العلوم بين من كمل استعدادهم لقبول مااقتضته حمته وقسمته وجاعل لباس العافية من نعمه التي هي بعد الإيمان أفضل ماأفاض على العبد من بره وأسبغ عليه من نعمته والمنزل من القرآن ماهو شفاء ورحمة للمؤمنين قل بفضل الله وبرحمته ومقرب مانأى من الفضائل على من أسرى إليها على مطايا عزمه وسرى لتحصيلها على جياد همته وملهم آرائنا بتفويض أمانة الأرواح إلى من أنفق في خدمة الطبيعة أيام عمره فكان بلوغ الغاية في علمها نتيجة خدمته والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي شرح الله بالهدى صدور أمته وخصه منهم بأعلام كل علم وأئمته وجلا بيقين ملته عن كل قلبٍ ماران عليه من الشك وغمته وعلى آله وصحبه الذين حماهم من الزيغ والزلل مافجر الهدى لهم من جوامع الكلم وأفاض التقى عليهم من أنوار عصمته حفإن أولى الأمور أن يعتمد فيها على طبيبها الخبير ويصان جوهرها عن عرض العرض عغى غير ناقدها البصير وتحمى مواردها عمن لم يعرف كيف يجتنب مواقع التكدير وترفع كواكبها عمن لم تدرك أفكاره دقائق الححوادث وحقائق التأثير - أمر صناعة الطب التي موضوعها الأبدان القائمة بالعبادة والأجسام القائمة بما تيعاقب عليها من الحوادث والزيادة والنفوس التي ماعنها إن حصل فيها التقريظ بدل ولاعوض والأرواح التي إن عرض الفناء لجوهرها فلا بقاء بعده للعرض والطبيعة التي إن خدمت على مايجب نهضت على مايجب بالصحة حق النهوض والأمزجة التي إن نفرت لعدم التأتي في سياستها أعجزت من يروض‏.‏

ولذلك تفتقر على كثرة أربابها وتحتاج مع غوارة المتمسكين بأسبابها وتضطر وإن اندفعت الضرورات بكثرة متقنيها وتتشوف وإن وجد الجم الغفير من المتلبسين بأدواتها والمتبحرين فيها - إلى رئيس ينعم في اعتبار أكفائها النظر ويدفع عن رتبتها بتطرق غير أهل الغير ويعرف من أحوال مباشريها ما لايكفي في خبرها فلا يقبل إلا من علم مقدار علمه ووثق مع الحفظ بصحة فهمه ورضي عن خبره في الطب واجتهاده واعتبر منه كل نوع تحت أجناسه المتعددة على حدته وانفراده وجاراه في كليات الفن فرآه في كل حلبةٍ راكضاً وطارحه في فصول العلم فوجده بحمل أعباء ماتفرع منها ناهضاً واختبر دربته فوجدها موافقة لتحصيله مطابقةً لما حواه من إجمال كل فن وتفصيله وتتبع مواقع دينه فوحجدها متينه ومواضع أمانته فألفاها مكينة وأسباب شفقته ونصحه فعرف أنها على ماجمع من الأدوات الكاملة معينة ويتعين أن يكون هذا الرئيس في أوانه و الرازي في زمانه و الفارابي في كونه أصلاً تتفرع فنون الحم في أفنانه علاجه شفاء حاضر وكلائه نجاة من كل خطر مخامر وتدبيره للصحة تقويم وتصفحه تثقيف لعلماء الصناعة وتسليم ودروسه ذخائر ينفق من جواهر حكمها كل حكيم‏.‏

ولماكان المجلس العالي الصدري الشهابي هو المراد بالتعين لهذه الوظيفة والمقصود بنا أشير إليه في استحقاق هذه الرتبة من عبارةٍ صريحةٍ أو كنايةٍ لطيفة وأنه جمع من أدوات هذا الفن ماافتقرق واحتوى على أصوله وفروعه فاجتمعت على أولويته الطوائف واتفقت على تفضيله الرفق واحتوى على أصوله وفروعه فاجدتمعت على أولويته الطوائف واتفقت على تفضيله الفرق فلو عاصره أبقراط لقضى له في شرح فصوله بالتقدمة ولو أدرك جالينوس لاقتدى في العلاج بما علمه ومع مباشرة ألفت بين الصحة والنفوس وملاطفة أشرقت مواقع البرء بها في الأجساد إشراق الشموس واطلاع يعرف به مبلغ ما عند كل متصد لهذه الصناعة من العلم وتبحر في الفنون لايسلم به لأحدٍ دعوى الأهلية إلا بعد حرب جدالٍ هو في الحقيقة عين السلم - فرسم بالأمر العالي أن يستقر فلان في رياسة الأطباء الطبائعية بالديار المصرية والشام المحروس على عادته وعادة من تقدمه في ذلك ويكون مستقلاً فيها بمفرده‏.‏

فلينظر في أمر هذه الطائفة نظراً تبرأ به الذمة ويحصل به على رضا الله تعالى روضا رسوله صلى الله عليه وسلم في الشفقة على الأمة ويعطي به الصناعة حقها ويطلق من يد من تطاول إليها بغير أهليةٍ رقها ويصون النفوس من إقدام من تقدم بغير خبرةٍ كاملةٍ عليها ويذب عن الأرواح تطرق من يتطرق بغير معرفة وافرةٍ إليها فإن فارط التفريط في النفوس قل أن يستدرك ومن لم تجتمع فيه أدوات المعرفة التامة والدين فما ينبغي له أن يدخل في المعالجة قبل الكمال وإن دخل فلا يترك والدين فما ينبغي له أن يدخل في المعالجة قبل الكمال وإن دخل فلا التامة والدين فما ينبغي له أن يدخل في المعالجة قبل الكمال وإن دخل فلا يترك فإن من لازم صلاح الأرواح صلاح الأجساد وإن الداء الذي لادواء له أن تكون العلة في وادٍ والمعالجة في وادٍ فلا يقبل في التزكية إلا من يثق بدينه كوثوقه بعلمه ولايصرف أحداً في هذه الصناعة إلا الذين زكت أعمالهم قبل التزكية وليشفعها بالامتحانات التي تسفر عن وحجوه الوثوق بالأهلية لثام دقائقها المنكية فإن العيان شاهد لنفسه ومن لم تنفعه شهادة فعله في يومه لم ينفعه غيره في أمسه ولايمض فيها حكماً قبل استكمال نصاب الشهادة وقبل التثبت بعد كمالها‏:‏ فإن المعالجة محاربة للدعء والموت بجهالة المحارب له شهادة وليأمر من ألجيء إلى معالجة مرض لايعرفه بمتابعة من هو أوفق منه بالتقديم ومراجعة من هو أعلم منه به‏:‏ فإن الحوادث قد تختلف وفوق كل ذي عليم عليم‏.‏

وملاك المور تقوى الله فليجعلها حجته فيما بين الله وبينه والافتقار إلى توفيقه فليصرف إلى ذلك قلبه وعينه والخير يكون إن شاء الله تعالى‏.‏

وليتعرف أولاً حقيقة المرض بأسبابه وعلاماته ويستقص أعراض المريض قبل مداواته ثم ينظر إلى السن والفصل والبلد ثم إذا عرف حقيقة المرض وقدر مايحتمله المزاج من الدواء لما عرض يشرع في تخفيف الحاصل وقطع الواصل مع حفظ القوى‏.‏

ولايهاجم الداء ولايستغرب الدواء ولايقدم على الأبدان إلا بما يلائمها ولايبعد الشبه ولايخرج عن جادة الأطباء ولو ظن الإصابة حتى يقوى لديه الظن ويتبصر فيه برأي أمثاله وليتجنب الدواء ماأمكنه المعالجة بالغذاء والمركب ما أمكنه المعالجة بالمفرد وإياه والقياس إلا ماصحح بتجريب فغيره في مثل مزاج من أخذ في علاجه وماعرض له وسنه وفصله وبلده ودرجة الدواء‏.‏

وليحذر من التجربة فقد قال أبقراط وهو رأس القوم‏:‏ إنها خطر‏.‏

ثم إذا اضطر إلى وصف دواءٍ صالح للعلة نظر على ما فيه من المنافاة وإن قلت وتحيل لإصلاحه بوصف يصلح معه مع الاحتراز في وصف المقادير والكميات والكيفيات في الاستعمال والأوقات ومايتقدم ذلك الدواء أو يتأخر عنه‏.‏

ولايأمر باستعمال دواء ولاما يستغرب في غذاء حتى يحقق حقيقته ويعرف جديدة من عتيقه‏:‏ ليعرف مقدار قوته في الفعل‏.‏

وليعلم أن الإنسان هو بنية الله وملعون من هدمها وأن الطبيعة مكافية وبؤسى لمن ظلها وقد سلم الأرواح وهي وديعة الله في هذه الأجسام فليحفظها وليتق الله ففي ذلك جميع الأقسام وإياه ثم إياه أن يصف دواءً ثم يكون هو الذي يأتي به أو يكون هو الذي يدل عليه أو المتولي لمناولته للمريض ليستعمله بين يديه وفي هذا كله لله المنة ولنا إذ هديناه له وأرشدناه إليه‏.‏

وهذه نسخة توقيع برياسة الكحالين‏.‏

  الضرب السادس من أرباب الوظائف بالديار المصرية زعماء أهل الذمة

ويكتب لجميعهم تواقيع في قطع الثلث بألقابهم السابقة مفتتحةً بأما بعد حمد الله ويشتمل هذا الضرب على ثلاث وظائف الوظيفة الأولى رآسة اليهود وموضوعها التحدث على جماعة اليهود والحكم عليهم والقضاء على مقتضى دينهم وغير ذلك‏.‏

وقد تقدم في الكلام على النحل والملل أن الموجودين من اليهود ثلاث طوائف‏:‏ وهم الربانيون والقراؤون والسامرة‏.‏

وقد جرت العادة أن يكون الرئيس من طائفة الربانيين دون غيرهم وهو يحكم على الطوائف الثلاث‏.‏

وهذه نسخة توقيع برآسه اليهود من إنشاء القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر و هي‏:‏ أما بعد حمد الله الذي جعل ألطاف هذه الدولة القاهرة تصطفي لذمتها من اليهود رئيساً فرئيسا وتختار لقومها كما اختار من قومه موسى وتبهج لهم نفوساً كلما قدمت عليهم نفيسا والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي والرسول الذي أجمل الوصية بالملي والذمي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه كماهطل وبلي ومانزل وسمي - فإن معدلة هذه الدولة تكتنف الملل والنحل بالاحتياط وتعمهم من إنصافها وإسعافها بأوفر الأنصباء وأوفى الأقساط وتلمهم من حادث الزمن إذا اشتط ومن صرفه إذا شاط وتضمهم كما ضمت البنوة إلى جناح النبوة الأسباط لاتزال ترقب الإل والذمة في المسلمين وأهل الذمة وتقضي لهم بحسن الخبرة ورعاية الحرمة وتبيحهم من أمر دينهم ماعليه عوهدوا وتمنحهم من ذلك ماعليه عوقدوا وتحفظ نواميسهم بأحبارٍ تحمد موادهم إذا شوفهوا وتحسن مرآهم إذا شوهدوا‏:‏ من كل إسارئيلي أجمل للتوراة الدرسة وأحسن لأسفار أنبيائه اقتباسه وأجمل التماسه ومن نبهته نباهته للتقدمة فما طعم اجتهاده يوماً حتى صار وجه الوجاهة في قومه ورأس الرأسة فأصبح فيهم معدوم النظير معدوداً منهم بكثير وموصوفاً بأنه في شرح أسفارٍ عبرانية حسن التفسير واستحق من بين شيعته أن يكون رئاس الكهنة وأن تصبح القلوب في مجامعهم بحسن منطقة مرتهنة وبأن للجهالة بتثقيفه لشيعته تحجب عقائدهم عن أن تغدو ممتهنة‏.‏

ولما كان فلان هو لمحاسن هذا التقريظ بهجة ولجسد هذا التفويض مهجة ولممادح هذا الثناء العريض لهجة ولعين هذا التعيين غمضها وليد هذه الأيادي بسطها وقبضها ولأبكار أفكار هذه الأوصاف متقاضيها ومقتضها ومن أدنيت قطاف النعماء ليد تقدمته على غيظ من غص منها واجتنى غضها - اقتضى حسن الرأي الشريف أن يميز على أبناء جنسه حق التمييز وأن يجاز له من التنويه والتنويل أجل ماجيز‏.‏

ورسم بالأمر الشريف - لازال يختار فيجمل الاختيار ويغدو كالغيث الذي يعم بنفعه الربا والوهاتد والأثمار والأشجار - أن تفوض إليه رآسه اليهود على اختلافهم‏:‏ من الربانيين والقرائين والسامرة بالديار المصرية حماها الله وكلأها فليجعل أسبابهم بالتقوى تقوى وغروسهم بالتدبير لاتذوى ومقاصدهم لايمازجها شك وشكوى ولينزل عليهم منا مناً يسليهم صنعاً حتى لايفارقوا واختلابها تأتيه وإياه والتيه حتى لايقال‏:‏ كأنه بعد لم يخرج من التيه‏.‏

وجماعة الربانيين فهم الشعب الأكبر والحزب الأكثر فعاملهم بالرفق الأجدى والسر الأجدر ولكونك منهم لاتمل معهم على غيرهم فيما به من النفس الأمارة تؤمر‏.‏

وجماعة القرائين فهم المعروفون في هذه الملة لملازمة الأدلة والاحتراز في أمر الأهلة فانصب لأمرهم من لم يتوله حين يتوله ومن كان منهم له معتقد فلا يخرج عن ذلك ولايحرج ولايلجم منهم بلجام ٍ من نار إنكار من في ليلة سبته بيته عليه لايسرج‏.‏

والسامرة فهم الشعب الذين آذن التنظيف أهله بحروبه ولم يك أحدهم لمطعم لكم ولامشرب بأكوله ولاشروبه فمن قدرت على رده بدليلٍ من مذهبك في شروق كل بحث ٍ وغروبه فاردده من منهج تحيده عن ذلك وهروبه وإلا فقل له‏:‏ ياسامري بصرت بما لم تبصروا به‏.‏

‏"‏ وليكن حكمك فيهم بالبت ‏"‏ وافق بهم فإن ‏"‏ المنبت لاأرضاً قطع ولاظهراً أبقى ‏"‏ فإياك أن تكون ذلك المنبت ومرهم بملازمة قوانينهم كيلا يعدو أحد منهم في السبت واجعل أمور عقودهم مستتبة وأحسن التحري والتحرير لهم في إتقان كل كتبة ولاتختر إلا الأعيان من كل خزانة وديان ومن كان له من داود عليه السلام لحمة نسب وله به حرمة نسب فارغ له حقه وأصحبه من الرفق أكرم رفقة‏.‏

والجزية فهي لدمائكم وأولادكم عصمة وعلى دفاعها لادافعها وصمة ولأجلها ورد‏:‏ من آذى ذمياً كنت خصمه وهي ألم من السيف إجارة وهي أجرة سكنى دار الإسلام كما هي لاستحقاق المنفعة بها إجارة فأدوها وبها نفوسكم فأدوها ‏"‏ وإن تعدو نعمة الله لاتحصوهاً فعدوا ألطاف الله بها ولا تعدوها ودوام على مه زجراً لتارك علامة ومن قصد منها خلاصه فقل له في الملأ‏:‏ ماذا خلا صة ومن ركن في أمرها إلى الإخلاد والإخلال وسكن إلى الإهمال ولم يرض بأن راية الذلة الصفراء على رأسه تشال فأوسعه إنكار ‏"‏ وألزمه منا شعاراً وإن قام بنصره منهم معشر خشن فأرهم بعد العلامة خشكاراً وخذهم بتجنب الغش ىالذي هو للعهد مغير ومغيب واكفف من هو لما ينافيه معير ومعيب وأما من هو مجيب لذلك فهو لقصده محبب وانقل طباعهم عن ذلك وإن أبت عن التناقل فانتقامنا يتلو‏:‏ ‏"‏ قل لا يستوي الخبيث والطيب ‏"‏‏.‏

وقد علم أن الذي تتعاطونه من نفخ في البوق إنما هو كما قلتم للتذكار فاجتهدووا أن لايكون لتذكار العجل الحنيذ الذي له خوار هذه وصايانا لك ولهم فقل لهم‏:‏ هذه موهبة الدولة وإحسانها إليكم ولطفها بكم وعاطفتها عليكم وبصرهم بذلك كلما تلا إحساننا إليهم‏:‏ ‏"‏ يابني اسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم ‏"‏‏.‏

وهذه نسخة توقيع برآسة اليهود أيضاً‏:‏ أما بعد حمد الله على أن جعل ملاحظة هذه الدولة القاهرة لجميع الملل ناظرة وإحسانها لايغفل مصلحة لأولي الأديانم غائبةً ولاحاضرة والصلاة على سيدنا محمد الذي جعل ذمته وعهده وفيين لك نسمة مؤمنةٍ وكافرة - فإن الله تعالى لما مد رواق عدل هذه الأيام الشريفة على كل معاهد‏:‏ من متقربٍ ومتباعد و ساوى بينهم في النظر الذي صدق الرأي وصدق الرائد - اقتضى جميلها أن يسهم لكل من أهل الذمة أوفر نصيب وأن لايقال لأحد منهم من الإجحاف مايريب وأن لاتكون أمورهم مضاعة ولاتعبداتهم مراعة ولا شرائعهم غير مصونة ولاأحكامهم عاريةعن حسن معون وكانت جماعهة اليهود وإن كانوا أولي غي وصدق النصارى فيهم وصدقوا في النصارى من أنهم ليسوا على شي لابد لهم من مباشرٍ يأخذهم بالأمر الأحوط والناموس الأضبط والمراسيم التي عليهم تشرط وكان الذي يختار لذلك ينبغي أن لا يكون إلا من أكبر الكهنة وأعلم الأحبار وممن عرف م ندينهم مالأجله يصطفى ولمثله يختار وممن فيه سياسة تحجزه عن المضار وتحجبه عن الاستنفار وكان فلان الرئيس هو المتميز بهذه الأوصاف على أبناء جنسه وله وازع من نفسه ورادع من حسن حدسه وخدمة في مهمات الدولة يستحق بها الزيادة في أنسه وهو من بين جماعته مشهور بالوجاهة موصوف بالنباهة ذو عبرانية حسنة التعبير ودراسةٍ لكتب أهل ملته على مافيها من التغيير - اقتضى جميل الاختصاص المنيف أن يرسم بالأمر الشريف - لابرح يرقب الإل ولالذمة ويرعى للمعاهدين الحرمة أن تفوض إليه رآسة اليهود الربانيين والقرآئين والسامرة على عادة من تقدمه‏.‏

فليباشر ذلك مستوعباً أمورهم كلها مستودعاً دقها وجلها مكباشراً من أحوالهم ماجرت عادة مثله من الرؤساء أنيباشر مثلها غير مفرط في ضبط ناموس من نواميس المملكة ولامغفل الإنكار على من يتجاوزذلك إلى موارد الهلكة ومن فعل مايقضي بنفض عهده فعليه وعلى مستحسنه له من المقاتلة مايتعظ به كل من يفعل ذلك من بعده بحيث لايخرج أحد منهم في كنيسته ولافي يهوديته ولافي منع جزيته عن واجبٍ معهود ومن خالف فوراء ذلك من الأدب ماتقضعر منه الجلود وماجعلهم الله ذمة للمسلمين إلا حقناً لدمائهم فلا يبحها أحد منهم فتاجتمع له شماتة أهل الأديان من أعدائهم بأعدائهم - الوصايا كثيرة وإنما هذه نخبتها الملخصة وفيها من حساب الإحسان إليهم ماتغدو به أيام الإمهال لهم ممحصة والله يوفقه في كل تصرف مرغوب وتأفف من مثله مطلوب بمنه وكرمه‏!‏ وهذه وصية لرئيس اليهود أوردها في التعريف وهي‏:‏ وعليه بضم جماعته ولم شملهم باستطاعته والحكم فيهم على قواعد ملته وعوائد أئمته في الحكم إذا وضح له بأدلته وعقود الأنكحة وخواص يعتبر عندهم فيها على الإطلاق ومايفتقر فيها إلى الرضا من الجانبين في العقد يعتبر عندهم فيها على الإطلاق ومايفتقر فيها إلى الرضا من الجانبين في العقد والطلاق وفيمن أوجب عنده حكم دينه عليه التحريم وأوجب عليه الانقياد إلى التحكيم وماأدعوا فيه التواتر من الأخبار والتظافر على العمل به مما لم يوجد فيه نص وأجمعت عليه الأحبار والتوجه تلقاء بيت المقدس إلى جهة قبلتهم ومكطان تعبد أهل ملتهم والعمل في هذا جميعه بما شرعه موسى الكليم والوقوف معه إذا ثبت أنه فعل ذلك النبي الكريم وإقامة حدود التوراة على ماطأنزل الله من غير تحريف ولاتبديل كلمة ٍ بتأويل ولاتصريف واتباع ماأعطوا عليه العهد وشدوا عليه العقد وأبقوا فيه ذماءهم ووقوا به دماءهم وماكانت تحكم به الأنبياء والربانيون ويسلم إليه الإسلاميون منهم ويعبر عنه العبرانيون كل هذا مع إلزامه لهم بما يلزمهم من حكم أمثالهم أهل الذمة الذين أقروا في هذه الديار ووقاية أنفسهم بالخضوع والصغار ومد رؤوسهم بالإذعان لأهل ملة الإسلام وعدم مضايقتهم في الطرق وحيث يحصل الالتباس بهم في الحمام وحمل شعار الذمة الذي جعل لهم حلية العمائم وعقد على رؤوسهم لحفظهم عقد التمائم وليعلم أن شعارهم الأصفر موجب لئلا يراق دمهم الأحمر وأنهم تحت علم علامته آمنون وفي دعة أصائله ساكنون وليأخذهم بتجديد صبغة في كل حين وليأمرهم بملازمته ملازمةً لاتوال علائمها على رؤوسهم تبين وعدم التظاهر لما يقتضي المناقضة أو يفهم منه المعارضة أو يدع فيه غير السيف وهو إذا كلم شديد العارضة وله ترتيب طبقات أهل ملته من الأحبار فمن دونهم على قدر استحقاقهم وعلى مالا تخرج عنه كلمة اتفاقهم وكذلك له الحديث في جميع كنائس اليهود المستمرة إلى الآن المستقرة بأيديهم من حين عقد عهد الذمة ثم ما تأكد بعده لطول الزمان من غير تحجديد متجدد ولاإحداث ثدر متزيد ولافعل شيءٍ مما لم تعقد عليه الذمة ويقر عليهم سلفهم الأول سلف هذه الأمة وفي هذا كفاية وتقوى اللهوخوفنا بأسنا رأس هذه الأمور المهمة‏.‏

ولايعجز عن لم شعث طائفته مع قلتهم وتأمين سربهم الذي لو لم يؤمنوا فيه لأكلهم الذئب لذلتهم وليصن بحسن السلوك دماءهم التي كأنما صبغت عماشمهم الحمر منها بما طل وأقود لهم منها النار الحمراء فلم يتقوها إلا بالذل وليعلم أنهم شعبة من اليهود لايخالفونهم في أصل المعتقد ولافي شيء يخرج عن قواعد دينهم لمن انتقد ولولا هذا لما عدول في أهل الكتاب ولاقنع منهم إلا بالإسلام أو ضرب الرقاب فليبن على هذا الأساس ولينبيء قومه أنهم منهم وإنما الناس أجناس وليلتزم من فروع دينه مالايخالف فيه إلا بأن يقول لامساس وإذا كان كما يقول‏:‏ إنه كهارون عليه السلام فليلتزم الجدد وليقم من شرط الذمة بما يقيم به طول المدد وليتمسك بالموسوية من غير تبديل ولاتحريف في كلمٍ ولاتأويل وليحص عمله فإنه عليه مسطور وليقف عند حده ولايتعد طوره في الطور وليحكم في طائفته وفي أنكحتهم ومواريثهم وكنائسهم القديمة المعقود عليها بما هو في عقد دينه وسبب لتوطيد قواعده في هذه الرتبة التي بلغها وتوطينه‏.‏

  الوظيفة الثانية بطركية النصارى الملكية

وهم أقدم من اليعاقبة وقد تقدم في الكلام على النحل والملل أنهم أتباع ملكا الذي ظهر قديماً ببلاد الروم وأن الروم وهذه نسخة توقيع لبطرك الملكية‏:‏ أما بعد حمد الله منوع افحسان لأولي الأديان وموصله ومفرعه لكل طائفةٍ ولكل إنسان والصلاة على سيدنا محمدٍ الذي أباد الله من أباد وأبان منعهده وذمته من أبان - فإن الطائفة الملكية من النصارى لما كانت لهم السابقة في دينهم ولهم أصل الرآسة والنفاسة في تعيينهم ومابرحت لهم في الكلاءة والحفظ قدم السابقة ورتبة بملوكهك الرومانية سامقة ومازالت لهم خدم الدول إلى أغراضها متسوقةً ومتسابقة ولهم جوار مشكور وتبتل مشهور وعليهم وصايا من الملوك في كل ورود وصدور ولهم م نفوسهم مزايا تستوجب احترامهم وتستدعي إكرامهم وكان لابد لهم من بطريركٍ يلاحظ أحوالهم أتم الملاحظة ويستدعي لهم من الدولة أعظم محافظة ويحفظ نواميس قبيلهم ويحسن دراسة أناجيلهم ويعرفهم قواعد معتقداتهم ويأخذهم بالدعاء لهذه الدولة القاهرة في جميع صلواتهم ويجمعهم على سداد ويفرقهم على مراد وكان البطريرك فلان هو المتفق بين طائفته على تعيينه والمجمع على إظهار استحقاقه وتبيينه والذي له مزايا لو كان فيه واحدة منها لكفته في التأهيل ولرفعته إلى منصب الجليل فلذلك رسم‏.‏

الخ‏.‏

لا برح يعطي كل أحد قصطه ويدخل كل لأبوابه ساجداً وقائلاً حطة - أن يباشر بطركية النصارى الملكية على عادة من البطاركة السالفة لهذه الدولة‏.‏

فليحط أمورها الجزئية والكلية والظاهرة والخفية وليأخذهم بما يلزمهم من قوانين شرعتهم وكل مايريدون من حسن سمعتهم وأما الديرة والبيع والكنائس التي للملكية فمرجعها إلى صونه وأمرها مردود إلى جميل إعانته وعونه والأساقفة والرهبان فهم سواد عين معتقده وخلاصة منتقده فلا يخلهم من تبجيل وحسن تأهيل وتتقدم إلى من بالثغور من جماعتك بأن لايدخل أحد منهم في أمر موبق ولافي مشكل موثق ولايميلون كل الميل إلى غربي من جنسهم وليكن الحذر لغدهم من يومهم وليومهم من أمسهم ولايشاكلون رسولاً يرد ولاقاصداً يفد وطريق السلامة أولى ماسلك ومن ترك الدخول فيما لايعنيه ترك هذه جملة من الوصية لامعة أفلح واهتدى من بها استنار ورشد من لها استشار والله يوفقك في كل مقصد تروم ويجعلك بهذه الوصايا تقول وتقوم‏.‏

وهذه وصية لبطرك الملكية أوردها في التعريف وهي‏:‏ وهو كبير أهل ملته والحاكم عليهم ماامتد في مدته وإليه مرجعهم في التحريم والتحليل وفي الحكم بينهم بما أنزل في التوراة ولم ينسخ في الإنجلي وشريعته مبنية على المسامحة والاحتمال والصبر على الأذى وعدن الاكتراث به والاحتفال فخذ نفسك في الأول بهذه الآداب واعلم بأنك في المدخل إلى شريعتكم طريق إلى الباب فتخلق من الأخلاق بكل جميل ولاتستكثر من متاع الدنيا فإنه قليل وليقدم المصالحة بين المتحاكمين إليه قبل الفصل البت فإن الصلح كما يقال سيد الأحكام وهو قاعدة دينه المسيحي ولم تخالف فيه المحمدية الغراء دين الإسلام ولنظف صدور إخوانه من الغل ولايقنع بما ينظفه ماء المعمودية من الأجسام وإليه أمر الكنائس والبيع وهو رأس جماعته والكل له تبع فإياه أن يتخذها له تجارةً مربحة أو يقتطع بها مال نصراني يقربه فإنه مايكون قد قربه إلى المذبح وإنما ذبحه وكذلك الديارات وكل عمر والقلالي فيتعين عليه أن يتفقد فيها كل أمر وليجتهد في إجراء أمورها على مافيه رفع الشبهات وليعلم أنهم إنما اعتزلوا فيها للتعبد فلا يدعها اتتخذ متنزهات فهم إنما أحدثوا هذه الرهبانية للتقلل في هذه الدنيا والتعفف عن الفروج وحبسوا فيها أنفسهم حتى إن أكثرهم إذا دخل فيها مايعود يبقى له خروج فليحذهم من عملها مصيدةً للمال أوخلوة له ولكن بالنساء حراماً ويكون إنما تنزه عن الحلال وإياه ثم إياه أن يؤوي إليها الغرباء القادمين عليه من يريب أو يكتم عن الإنهاء إلينا مشكل أمرٍ ورد عليه من بعيد أوقريب ثم الحذر الحذر من إخفاء كتاب يرد عليه من أحدٍ من الملوك ثم الحذر الحذر من الكتابة إليهم أو المشي على مثل هذا السلوك وليجتنب البحر وإياه من اقتحامه فإنه يغرق أوتلقي مايلقيه جناح غرابٍ منه فإنه بالبين ينعق والتقوى مأمور بها أهل كل ملة وكل موافق ومخالف في القبلة فليكن عمله بها وفي الكناية ما يغني عن التصريح وفيها الوظيفة الثالثة بطركية اليعاقبة وقد تقدم في الكلام على النحل والملل الخلف في نسبتهم‏:‏ فقيل إنهم أتباع ديسقرس وإنه كان اسمه في الغلمانية يعقوب وقيل اتباع يعقوب البرذعاني وقيل غير ذلك والأصح عندج المؤرخين الأول وبطركهم يحكم على طاءفة اليعاقبة وجميع نصارى الحبشة أتباعه وفي طاعته ملك الحبشة الأكبر وعنه تصدر ولايته‏.‏

وهذه نسخة توقيع لبطرك النصارى اليعاقبة‏:‏ أما بعد حمد الله الذي أظهر دين الإسلام على الدين كله وأصدر أمور الشرائع عن عقد شرعه وحله وصير حكم كل ملة راجعاً إلى حكم عدله والشهادة له بالوحدانية التي تدل على أ ه الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد وليس شيء كمثله والصلاة السلام على سيدنا محمد أعظم أنبيائه وأكرم رسله وأشرف ولد آدم ونسله المصطفى في علم الله من قبله ووسيلته في التوراة من غرور الشيطان وخذاله والذي أطفأ الله ببركته نار نمروذ عن إبراهيم وجعلها برداً وسلاماً وأجله من أجله وبشر به عيسى بن مريم عبد الله وابن أمته وأقر موسى بن عمران كليم الله بفضله وعلى آله الطيبين الطاهرين من فروع أصله وأصحابه سامعي قوله وتابعي بله - فإن الله تعالى لما ارتضى الإسلام ديناً وأفضى بالملك إلينا وقضى لنا في البسيطة بسطة وتمكيناً وأمضى أوامرنا المطاعة بشمول اليمن شمالاً ويميناً - لم نزل نولي رعابيانا الإحسان رعايةٍ وتوطينا ونديم لأهل الذمة منا ذمةً وتأميناً وكانت طائفة النصارى اليعاقبة بالديار المصرية لهم من حين الفتح عهد وذمام ووصية سابقة من سبدنا رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام ولابد من بطريرك يرجعون إليه في الأحكام ويجتمعون عليه في كل نقض وإبرام‏.‏

ولما كانت الحضرة السامية الشيخ الرئيس المبجل المكرم الكافي المعزز المفخر القديس شمس الرآسة عماد بني المعمودية كنز الطائفة الصليبية اختيار الملوك والسلاطين فلان‏:‏ وفقه الله هو الذي تجرد وترهب وأجهد روحه وأتعب وصام عن المأكل والمشرب وساح فأبعد ومنع جفنه لذيذ المرقد ونهض في خدمة طائفته وجد وخفض لهم الجناح وبسط الخد وكف عنهم اليد واستحق فيهم التبجيل لما تميز به عليهم من معرفة أحكام الإنجيل وتفرد - اقتضى حسن الرأي الشريف أن نلقي إليه أمر هذه الفرقة ونفوض ونبدلهم عن بطريكهم المتوفى ونعوض‏.‏

فلذلك رسم بالأمر الشريف - لابرحت مراسمه مطاعة ومراحمه لإنزال أهل كرمها بيعتها مرعية غير مراعة - أن يقدم الشيخ شمس الرآسة المذكور على الملة النصرانية اليعقوبية ويكون بطريركاً عليها على عادة من تقدمه وقاعدته بالديار المصرية والثغور المحروسة والجهات التي عادته فليسلك سبيل السوا ولايملك نفسه الهوى وليتمسك بخوف الله تعالى إن فعل أو نوى أو أخبر عن الحواريين أو روى فالعليم مراقب والعظيم معاقب والحكيم أمر أولي العقول بالفكرة في العواقب والحالكم ذغا بحقوق الخلق غداً يطالب والظلم في كل ملة حرام والعدل واجب فليستوف الإنصاف بين القوي والضعيف والحاضر والغائبيقصد مصلحتهم وليعتمد نصيحتهم وليمض على مايدينون به بيوعهم وفسوخهم ومواريثهم وأنكحتهم وليقمع غاوويهم وليسمع دعاويهم وليلزمهم من دينهم بما وجدوه فطنوه واعتقدوه وليتبع سبيل المعدلة فلا يعدوها عائدة إليه أمور القسيسين واعتقدوه وليتبع سبيل المعدلة فلا يعدوها عائدة إليه أمور القسيسين والرهبان في جميع الديرو الكنائس بسائر البلدان ولايعترض عليه فيما هو راجع إليه من هذا الشان‏.‏

ولايقدم منهم إلى رتبة إلا من استصلحه ولايرجح إلى منزلةٍ إلا من رشحه إليها ورجحه متبعاً في ذلك مابينه له العدل وأوضحه مرتجع الرتبة ممن لم تكن الصدور لتقدمته منشرحة مجمعاً لغيره في الإيراد والإصدار على اعتماد المصلحة وقد أوضحنا له ولهم سبيل النجاة فليقتفوه وعرفناهم بالصواب والخيرة لهم إن عرفوه وليسأل الله ربه السلامة فيما لم يفعل وبهع يفوه والعلامة الشريفة أعلاه‏.‏

وهذه نسخة توقيعٍ لبطرك النصارى اليعاقبة كتب به للشيخ المؤتمن في شهور سنة أربع وستين أما بعد حمد الله على نعمه التي نشرت لواء دولتنا في الآفاق فأوى كل أحد إلى ظله وبسطت معدلتنا في البلاد على الإطلاق فمنحت الخاص والعام من برنا بوابله وطله واصطنعت بذمامها ملوك الملل وحكام الطوائف فنطقوا عن أمرنا في عقد كل أمر وحله والشهادة بوحدانيته التي تنجح أمل المخلص في قوله وفعله وتفتح لمن تمسك بعروتها أبواب النجاة فيصبح في أمانٍ في شأنه كله والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ عبده ورسوله أشرف الأنبياء قدراً في محكم الذكر ونقله المبعوض رحمةً للعاملين زيادةً في رفعة مقامه وتقريراً لفضله المنعوت بالرأفة والرحمة في محكم كتابه الذلايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه ولم يستطع أحد أن يأتي بسورة من مثله وعلى آله وصحبه الذين اتببعوا طريقته المثلى وسلكوا مناهج سبله وعقدوا الذمم لأهل الملل واستوصوا بهم خيراً لما عرفوه من سعة وحلمه وبذله - فإنه لما كانت الطائفة المسيحية والفرقة اليعقوبية ممن أوت تحت ظلنا الذي عم الوجود وسكنت في حرم ذمامنا الذي سار نبؤه في التهائم والنجود وتمسكت من طاعتنا واتباع أوامرنا بما سلف لها من الهدن والعهود وكانت أحكامهم مما يحتاج إلى منيدور عليه أمرها في كل حال وتنتظم به مصالح شملها ليبلغوا بها يحتاج إلى من يدور عليه أمرها في كل حال وتنتظم به مصالح شملها ليبلغوا بها يحتاج إلى من يدور عليه أمرها في كل حال وتنتظم به صالح شملها ليبلغوا بها الأمال ويأمنوا في معتقدهم فيها فيها من الإخلال وأنه إذا مات بطريرك لهم لابد أن نرسم لهم يغيره ليعتمدوا في ذلك مايتقدم به إليهم في نهيه وأمره ويسلك بهم في أحكامهم مايجب ويعرف كلامنهم مايأتي ويذر ويفعل يجتنب ويفصل بينهم بمقتضى مايعتقدونه في إنجيلهم ويمشي أحوالهم على موجبه في تحريمهم وتحليلهم ويزجر من خرج عن طريقه ليرجع إلى مايجب عليه أسوة رفيقه ويقضي بينهم بما يعتقدونه من الأحكام ويبين لهم قواعد دينهم في كل نقض وإبرام فلما هلك الآن بطريكهم مه من هلك رسمنا لهم أن ينتخبوا لهم من يكون لطريقته قد سلك وأن يختاروا لهم من يسوس أمورهم على أكمل الوجوه لنرسم بتقديمه عليهم فيقوم بما يؤملونه منه ويرتجوه‏.‏

وكان الحضرة السامية القديس المبجل الجليل المكرم الموقر الكبير الديان الرئيس الروحاني الفاضل الكافي المؤتمن جرجس بن القس مفضل اليعقوبي عماد بني المعمودية كنز الأمة المسيحية منتخب الملة الصليبية ركن الطائفة النصرانية اختيار الملوك والسلاطين - أطال الله تعالى بهجته وأعلى على أهل طائفته درجته - قد حاز من فضائل ملته أسماها وصعد من درجات الترقي على أبناء جنسه أعلاها فنره نفسه عن مشاركة الناس وتقشف بين أهله في المآكل واللباس وترك الزواج والنكاح واشتغل بعبادته التي لازم عليها في المساء والسصباح وألقى نفسه إلى الغاية في الإطراح وساح بخاطره في الفكرة وإن لم يكن بجسده قد ساح وارتاض بترك الشهوات مدة زمانه واطرح الملاذ لتعلو درجته بين أهله برفعة مكانه واشتمل من علوم طائفته على الجانب الوافر وعرف من أوامرهم ونواهيهم ماتقربه منهم العين والناظر وطلب من الرب به من أقواله وأفعاله فوقع ايختيارهم عليه وسألوا صدقاتنا الشريفة إلقاء أمرهم إليه‏.‏

فرسم بالأمر الشريف - لازال إحسانه إلى سائر العالم واصلاً وجوده لكل طائفةٍ بارتياد أكفائها شاملاً - أن يقدم حضرة القديس المؤتمن جرجس المشار إليه على الطائفة اليعقوبية من الملة النصرانية بالديار المحروسة والجهات الجاري بها العادة ويكون بطريركاً عليهم على عادة من تقدم في ذلك ومستقر قاعدته إلى آخر وقت قائماً بما يجب عليه من أمور هذه الملة باذلاً جهده في سلوك ماينبغي مما ينظم عليه أمره كله فاصلاً بينهم بما يعتقدونه من الأحكام متصرفاً على كل أسقف وقس ومطران في كل نقض وإبرام مالكاً من أمور القيسيسين والرهبان والشمامسة الزمام مانعاً من يروم أمراً لايسوغه وضع ولاتقرير جاعلاً نظره عليه منتقداً بالتحرز في التخيير زاجراً من يخرج منهم عن اتباع طريق الشريعة المطهرة التي يصح بها عقد الذمة ملزماً بسلوكها في كل ملمة فإن ذلك من الأمور المهمة آمراً من في الديرة من الرهبان بمعاملة المارين بهم والنازلين عليهم بمزيد الإحسان ومديد الإكرام والقيام بالضيافة المشروطة من وليتحدث في قسمة مواريثهم إذا ترافعوا إليه وليجعل فصل أمور أهل طائفته من المهمات لديه وليشفق من المهمات لديه وليشفق على الكبير والصغير وليتنزه عن قليل متاع الدنيا والكثير وليزهد في الجليل قبل الحقير‏.‏

وفي اطلاعه على أحكام دينه مايكفيه في الوصية ومايرفعه بين أبناء جنسه في الحياة الدنيوية والاعتماد على الخط الشريف أعلاه الله أعلاه‏.‏

وهذه نسخة توقيع لبطرك اليعاقبة وهي‏:‏ أما بعد حمد الله على أن جعل من إحسان هذه الدولة لكل ملي وذمي نصيباً وفوق إلى أهداف الرعاية سهماً فسهماً مامنها إلا ماشوهد مصيباً والصلاة على سيدنا محمد الذي أحمد الله له سرى في صلاح الخلائق وتأويباً - فإنه لما كان من سجايا الدولة القاهرة النظر في الجزئيات والكليات من أمور الأمة وتجاوز ذلك إلى رعاية أهل الذمة لاسيما من سبقت وصية سيد المرسين عليهم من القبط الذين شرفهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوصلته منهم بأم إبراهيم ولده عليه السلام وقبول هديتهم التي أبقت لهم مزية على ممر ايام وكانوا لابد لهم من بطريك يحفظ سوامهم ويضبط خواصهم وعوامهم ويجمع شمل رهبانهم ويراعي مصالح أديانهم ويحرر أمور أعيادهم ومواسهم في كل كنيس ويدعو للدولة القاهرة في كل تقديس وتجعل له الخيرة في ضبط أمور البيع والديرة واختيار الأساقفة والكهان وحفظ النواميس المسيحية في كل قربان ولايصلح لذلك إلا من هو بتول وكل خاشع عاملٍ ناصبٍ يستحق بذلك أن هذا الأمر إليه يؤول‏.‏

ولما كان البطريرك فلان هو المجمع على صلاحيته للبطركية على شعبه والتقدمة على أبناء المعمودية من شيعته وصحبه لما له من علم في دينه ومعرفةٍ بقوانينه وضبطٍ لأفانينه وعقل يمنعه عن التظاهر بما ينافي العهود ويلافي الأمر المعهود - اقتضى جميل الاختيار أنه رسم بالأمر الشريف - لابرح يضع كل شيء في موضعه من الاستحقاق ويبلاغ في الإرفاد لأهل الملل والإرفاق - أن يباشر بطركية جماعة اليعاقبة بالديار المصرية على عادة من تقدمه في هذه الرتبة ومن ارتقى قبله إلى هذه الهضبة‏.‏

فليباشر أمر هذه الطائفة وليجعل معونته بهم طائفة وليضبط أمورهم أحسن ضبط وأجمله وأتمه وأكمله وليأخذهم بما يلزمهم من القيام بالوظائف المعروفة والعهود المألوفة وليلزمهم بما يلزمهم شرعاً من كف عن تظاهر ممنوع أو تعاطي محذور منكور الشرور والشروع أو تنكب عن طريق الاستقامة وكما أنهم عدلوا عن الإسلام لايعدلون عن السلامة‏.‏

وأما أمور الديرة والكنائس فأمرها إليك مردود فاجر فيها على المعهود وأقم فيها عنك من يحسن النيابة ومن يجمل الإنابة ومن يستجلب الدعاء لهذه الدولة القاهرة في كل قداس ويعدد التقدس والأنفاس وعلى رهبان الأديرة للمساجد والجوامع وظائف لاتمنع ولاتؤخر ولاتحوج أحداً منهم أنه بها يذكر وليشرط على أهلها أنهم لايأوون طليعة الكفار ولامن يحصل منه إلا خير وإلا يحصل الإضرار وليأمرهم بحسن الجوار والقيام بما هو موظف عليهم للمسلمين السفار ويغر السفار هذه نبذة من الوصايامقنعة ولو وسع القول لكان ذا سعة وفي البطريرك من النباهة مايلهمه الصواب والله يجعل حسن الظن به لاارتياء فيه ولاارتياب بمنه وكرمه‏!‏ والاعتماد‏.‏

الخ وهذه نسخة توقيع لبطرك اليعاقبة وهي‏:‏ أما بعد حمد الله الذي خص كل ملةٍ بمنة وأقام بأوامرنا على كل طائفةٍ من نرضاه فنحقق بلإحسننا ظنه وجعل من شيمنا الشريفة الوصية بأهل الكتاب عملاً بالسنة والشهادة بوحدانيته التي نتخذ بينها وبين الشك والشرك من قوة الإيمان جنة وندخر أجورها فنسمو بها يوم العرض إلى أعلى غرف الجنة والصلاة والسلام على نبيه محمدٍ أكرم من أرسله إلى الأمم فأنال كلاً من البرايا يمنه وأعظم من بعثه فشرع الدين الحنيف وينه وعلى آله وأصحابه الذين لم تزل قلوب المؤمنين بهم مطمئنة - فإن دولتنا القاهرة العوارف السحان والشيم الكريمة والعطايا والإحسان والفواضل التي للآمال منها مايربي عليها ويزيد والمآثر التي بحر برها الوافر المديد ولكل ملةٍ من نعمها نوال جزيل ولكل فرقة من مواهبها جانب يقتضي التخويل ولايقضي بالتحويل ولكل طائفة من يمنها ومنها منائح طائفة بمزيد التنويل ولكل أناس من معدلتها نصيب يشمل الملل وعادة معروفٍ توارتت مع أنها خالصة من السآمة والملل سجية سخية بنا شرفت ومزية مروية منا ألفت وإن أهل الكتاب لطائفةً كثرت بأبوابنا الشريفة عداداً واستصفت من مناهل جودنا مورداً وانتظمت في سلك رعايانا فأضحى سبب فضلنا لها مؤكداً وكانت الملة المسيحية والفرقة اليعقوبية لابد لها بعد موت بطريكهت من إقامة غيره وتقديم من يرتضى بفعله وقوله وسيره لتقتدي به عقد أمورها وحلها وتحريمها وتحليلها ووصلها وفصلها وتهتدي به في معتقدها وتركن إلى مايذكره من مجموع أحكام الإنجيل ومفردها وينتصب للفصل بين خصومها بما يقتضيه عرفانه ويظهر لأهل ملته بيانه حتى لاتجد في أمر دينها إلا ماتريده وبما نديمه لها من اسنتمرار الهدنه تبدي دعاءه وتعيده فإن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نستوصي بأهل الكتاب خيراً ونحن نسلك من اتباع شريعته الكمطهرة مانحسن فيه - إن شاء الله - سيرة يسيرةً وسيراً‏.‏

ولما كانت الحضرة السامية الشيخ الرئيس المبجل المكرم الفاضل الكافي الثقة عماد بني المعمودية كنز الطائفة الصليبية اختيار الملوك والسلاطين فلان - أطال الله بقاءه وأدام على أهل طائفته ارتقاءه - ممن اتفق على شكره أبناء جنسه واستوجب أن يرقى إلى هذه الرتبة بنفسه واشتهر بمعرفة أحوال فرقه وهجر الهل والوطن في تهذيب خلقه وحرم في مدة عمر النكاح وسار في المهامة والقفار وساح أضحى خميص البطن خاوي الوفاض قد ترك الطيبات وهجر التنعم وارتاض واعتمد في قوله على الإله وسأل الرب أن يبلغه في أهل ملته ماتمناه‏.‏

فلذلك رسم بالأمر الشريف - لازال يجمع الفرق على الدعاءلأيامه الشريفة ويديم للأقربين مواد مواهبه المألوفة - أن يقدم الشيخ فلان على الملة النصرانية اليعقوبية ويكون بطريركاً عليها على عادة من تقدمه ومستقر قاعدته بالديار المصرية والثغور المحروسة والجهات التي عادته بها إلى آخر وقت فليتول ذلك سالكاً من طرق النواهة مايجب فاصلاً بين النصارى بأحكام دينه التي لاتخفى عنه ولاتحتجب مالكاً أزمة كل أسقف وقومس ومطران مرجحاً بين القديس والقسيس والشماس والرهبان لتصبح أحكام كبيرهم وصغيرهم به منوطة ومواريثهم مقسومةً بشرعته التي هي لديهم مبسوطة ويقف منهم إلا من رضي بتأهيله وليأمر كل قاصٍ منهم ودان ومن يتعبد بالديرة والصوامع من الرجال والنسوان برفع الأدعية بدوام دولتنا القاهرة التي أسدت لهم هذا الإحسان ويلزم كلاً منهم بأن لايحدث حادثاً ويكرم نزل من قدم عليه راجلاً أو لابئاً فإن هذه الولاية قد آلت إليه وهو أدرب بما تنطوي شروطها عليه والله تعالى يجعل البهجة لديه مقيمة والنعمة عليه مستديمة والخط الشريف أعلاه حجة بموجبه وبمقتضاه إن شاء الله تعالى‏.‏

وهذه وصية لبطرك اليعاقبة أوردها في التعريف قال‏:‏ ويقال في وصية بطرك اليعاقبة مثل مافي وصية بطرك الملكية إلا فيما ينبه عليه‏.‏

ويسقط منه قولنا‏:‏ 0 واعلم بأنك في المدخل إلى شريعتك طريق إلى الباب إذ كان لايدين بطاعة الباب الذي هو رأس الملكانيين وإنما هو رأس الملكانيين وإنما هو رأس اليعاقبة نظيرة للملكانيين ويقال مكان هذه الكلمة واعلم بأنك في المدخل إلى شريعتك قسيم الباب وأنتما سواء في الأتباع ومتساويان فإنه لايزداد مصراع على مصراع ويسقط منه قولنا‏:‏ وليجتنب البحر وإياه من اقتحامه فإنه يغرق وثانية هذه الكلمة إذا كان ملك اليعاقبة مغلغلاً في الجنوب من تلقاء الحبشة حتى إذا قدر فلا يشم أنفاس الجنوب وليعلم أن تلك المادة وإن كثرت مقصرة ولايحفل بسؤدد السودان فإن الله جعل آلة الليل مظلمةً وآية النهاء مبصرة ثم يختم بالوصية بالتقوى كما تقدم ونحو هذا والله أعلم‏.‏